فتنة دعوى الجاهلية

جلس النبي صلى الله عليه وسلم مطمئناً مرتاحاً، وقد أصبح القوم إخوانهم بالدين وأصهاره،

وذهب جهجاه من المهاجرين وسنان من الانصار في اليوم الثاني الى بئر المريسيع ليملئا أسقيتهما وتنازعا الماء، كل منهما يريد أن يسقي قبل الآخر، فتنازعا الدلو، وتطور الأمر الى أن جهجاه ضرب سنان على وجهه فسالت الدماء من أذنه

فلما رأى سنان الدم صاح بشعار الجاهلية: يا آل الخزرج، فصاح جهجاه: يا آل قريش، فسمع النبي الصراخ كما سمع الناس،

فخرج من خيمته مسرعاً نحو الصوت، فإذا هما الغلامين وتجمع الصحابة من الخزرج وقريش يأتون من هاهنا، وكلهم مشهرٌ سيفه، يريدون أن يعرفوا مالخبر؟ فنظر النبي إليهما، ورفع كلتا يديه يؤدبهما ويقول: (أبدعوى الجاهلية، وانا بين ظهرانيكم دعوها فإنها منتنة، ما الأمر؟) فحدثوه بما وقع بينهما،

فقال: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، فتعجب الصحابة فقالوا: إن كان مظلوماً نصرناه يا رسول الله، فكيف إن كان ظالماً؟

قال: (تردوه عن ظُلمه وذلك نُصرته)، فتكلم النبي مع الرجلين واصلح بينهما، وامتثل المهاجرون والأنصار لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن المنافقون وجدوها فرصة لهم، ورأس المنافقين ابن سلول من ثلاثة أيام يتقلب من الغيض كيف أسلم القوم وخسر الغنائم جميعها؟

فجلس في خيمته ومعه من على شاكلته، فقال بلهجة المتعجب المستهجن أَوقد فَعلُوها؟ هذا ما كنت أخشاه، وكنت كارهاً منذ أن دخلوا دارنا، ولكن هذا ما فعلتموه بأنفسكم، آويتموهم وقاسمتموهم الاموال والديار، ثم جعلتم أنفسكم غرض للمنايا دونهم فمتم ويتمتم اطفالكم، وكثروا هم حتى نازعوكم في دياركم أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا الى غير بلادكم، وما مثلكم ومثلهم إلا كما قال من قبلنا، سمِّن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا الى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل،

وكان من ضمن الجلوس زيد بن أرقم من الخزرج، ولكنه صادق الايمان، فذهب الى النبي وحوله المهاجرين والانصار وقال: يارسول الله كنت في خيمة ابن سلول وقد قال: كذا وكذا وكذا، فتغيرت وجوه الصحابة جميعاً مهاجرين وأنصار، وغضب النبي غضبا شديدا، فنظر الى القوم وأراد أن يمتص غضبهم، فقال: (يا فتى لعل في نفسك على صاحبك شيء فقلت عليه ما قلت؟)

قال: لا والذي بعثك بالحق يا رسول الله، ليس بيني وبينه إلا اخوة الاسلام

قال: (لعله اخطء سمعك، فلم تحسن أن تنقل ما سمعت؟)

قال: لا والله ما اخطء سمعي، ولا تّقولت عليه ولا بحرف واحد، لقد قال ما قلته لك كلمة كلمة،

فقام عمربن الخطاب وقال يا رسول دعني اضرب عنق هذا المنافق،

فقال له النبي: (لا لا يا عمر كيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدا يقتل اصحابه؟)، وأمر بالرحيل على الفور.

🌾
🍁
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *