أخذ النبي صلى الله عليه وسلم، برأي سلمان الفارسي رضي الله عنه
ثم قام يتفحص أرض المدينة وتم اختيار مكان الخندق، وخط صلى الله عليه وسلم مكان الخندق بين الحرتين، وأمر بالبدء في حفر الخندق فورا وحدد مواصفاته، بطول ست كيلوا متر. وعرض ثمانة امتار، بحيث لا تستطيع فرسان العدو عبوره بالقفز، وبعمق اربعة امتار، بحيث اذا سقط فيه أحد لايستطيع أن يخرج منه،
ووزع النبي العمل على أصحابه، فجعل من الصحابة مجموعات كل مجموعة عشرة رجال لتحفر عشرين متر، ووضع خط لكل مجموعة، وسيكون العمل صعباً جداً وشاقاً لأسباب عديدة: لضخامته ووقت اتمامه، أرضه صخرية يصعب جدا الحفر فيها، وأدوات الحفر لم تكن تكفي، وكان العمل باليد والمعول والمكتل والمسحاة، الموسم كان شتاء والبرد كان قارصاً، والسنة كانت مجدبة، والمدينة تعاني من نقص شديد في المواد الغذائية،
وبدأ الصحابة يعملون، والنبي معهم يعمل يحفر كأي واحد منهم، فكانوا يعملون في النهار لمدة ستة عشر ساعة، ولا يسمح لأحد بالإنصراف إلا بإذن النبي، وكلما قال له الصحابة: عنك يا رسول الله فيقول: (إنما انا رجل منكم)، فكان يضرب بالمعول ويحمل بالمكتل ويملئ التراب بالمسحاة حتى ان التراب ليستر جسده عنهم وهكذا كان الحفر فأتموا هذه المهمة في ستة ايام ولياليها فقط، فكانت تمر الأيام والصحابة يعملون ولا يجدون ما يأكلونه، فحفروه من الحرة الى الحرة كما خطط،
عندما وزع النبي المجموعات، قال سلمان الفرسي رضي الله عنه: هل تأذن لي يا رسول الله أن أخذ حصة عشرة، فإنه طبيعة عملي واعرفه، فلقد حفرنا كثيراً في مدائن فارس، فلما نظر الصحابة ان سلمان اخذ حصة عشرة رجال لوحده، فقال الأنصار: سلمان منا فقال المهاجرون: لا سلمان منا معشر المهاجرين وهكذا ارتفعت اصوات المنافسة بين مهاجرين وانصار، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم بينهم، ورفع كلتا يديه بينهم وهو يقول: (لا عليكم، لا عليكم، لا عليكم سلمان منا أهل البيت) النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى، لولا أذن من الله ما قالها النبي صلى الله عليه وسلم سلمان منا اهل البيت، وتبت يدا أبي لهب ما الذي أسقط هذا، ورفع ذاك إنها التقوى التي نحن بحاجة لها اليوم غزوة الأحزاب او الخندق فهي أعظم درس بالسيرة للمسلمين اليوم.