ومن الاحداث في حفر الخندق

رأى جابر بن عبد الله النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ربط الحجر على بطنه من شدة الجوع فلم يحتمل، فاستأذن النبي أن يذهب الى بيته، قال: يارسول الله ائذن لي الى البيت فأذن له، فذهب الى زوجته وقال لها: يا ام عبد الله رأيت بالنبي شيئاً لا أصبر عليه، يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع، كيف يجوع رسول الله بيننا، فهل عندك طعام الليلة؟

قالت: حفنة من شعير وشويهة، فقام فذبح الشاة، وطحنا الشعير، ووضعا اللحم في البرمة حتى قرب أن ينضج، فقام جابر ليدعو رسول الله، فقالت زوجته: يا جابر لا تفضحني مع الناس فليس عندنا ما نطعم احد إلا رسول الله وان كان معه، نفر من أصحابه قال: لا عليك أصنعي ما قلت يقول: فذهبت الى رسول الله، وخلوت به وقلت: يارسول الله بأبي أنت وأمي، رأيت الجوع في وجهك وإن عندنا طُعيم نريد أن نقدمه لك، أن تحضر عندنا يا رسول الله انت و رجلان معك أو ثلاثة،

فقال النبي: (وكم هو طعامك يا جابر؟) فقلت: شويهة وحفنة شعير، فقال صلى الله عليه وسلم: (ما شاء الله، كثيرٌ طيب) ثم نادى النبي بأعلى صوته وقال: (يا بلال، اصرخ في اهل الخندق، أن حيهلا، فقد صنع لكم جابر سؤرا)

فضحك سلمان وقال: فداك أبي وأمي يارسول الله، من اعلمك بكلمة سؤر؟ قال:(أليست هي لغتكم في فارس، إذا كان عندكم وليمة عظيمة قلتم عنها سؤرا) قال: أجل والذي بعثك بالحق فقال له النبي: (وإن الخندق خندق سلمان) فقام الجيش كله، وارتبك جابر،

قال جابر: فدارت بي الارض حيرةً، وخجلاً، فلا أستطيع أن ارد قول الرسول، ولا أدري ما اقول للناس؟ وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم إلي وشبك يده بيدي وهو يقول: (كم طعامكم يا جابر؟) وأقول له شويهة وحفنة شعير فيقول: (كثير طيب، كثير طيب)، حتى اذا دنى من المدينة قال: (انطلق يا جابر فأخبر زوجتك لا تخبز عجينها، ولا تنزل برمتها عن لنار حتى أحضر)، ذهب الى زوجته مسرعا، فلما دخل قالت له: هل حضر رسول الله ولبى دعوتك؟ فقال لها وقد تغير لونه: نعم نعم ومعه أهل الخندق جميعاً،

فصاحت في جابر وقالت: ويحك بك وبك ماذا سنطعم الناس الليلة؟هل انت دعوتهم ام رسول الله؟ قال: إنما رسول الله دعاهم، وجاء بأهل الخندق جميعا مهاجرين وأنصار، قالت له: هل سألك، وأعلمته أن الطعام لا يكفي الا رجل أو رجلين؟ فقال: نعم، فقالت: الله ورسوله أعلم، لا عليك إن لرسول الله شأن الليلة، قال: فلما قالت ذلك، كشفت عني غماً شديداً اطمئننا،

فلما وصلوا جلسوا بين النخيل، ثم دخل صلى الله عليه وسلم على جابر قال: (أين طعامكم؟) قالا: هذا هو يا رسول الله، فوضع العجين وقال بيديه هكذا وهكذا، ثم قرأ من القران ما شاء له الله ان يقرأ ثم نفث فيه، ثم رد العجين على بعضه وستره

قال: (أين برمتكم؟) قالا: ها هي على النار فكشفها وصنع فيها ما صنع للعجين ثم سترها،

ثم اخذ يقطع العجين، ويقول: (يا ام عبد الله، اخبزي واستري ما تخبزي فما زال يقطع ويرمي لها، وهي تخبز ويقطع ويرمي، قال: والذي بعثه بالحق نبياً، حتى أصبحت دارنا تل من الخبز، ثم قال: إلينا بالأدوات، واستعيروا من جيرانكم، ثم قام وقال لاصحابه: (لا تطاغطوا عشرة فعشرة)، فجاؤوا له بالأدوات، واخذ يكسر من الخبز، ويضع عليه المرق، واللحم يفته ويدفعه اليهم ويقول: (كلوا واشبعوا لا عليكم كثير طيب، كثيرٌ طيب)، ومضوا يأكلون سائر الليل حتى شبعوا وانصرفوا منتصف الليل، حتى قال: (هل بقي من احد؟) قلت: لا يارسول الله انصرفوا جميعاً، فجلس صلى الله عليه وسلم واكل هو آخرهم، ثم ألتفت لزوجة جابر وقال لها: (كُلي هذا وأهدي فإن الناس أصابتهم مجاعة)، قال جابر: والذي بعثه بالحق نبياً، فإذا عجيننا كما هو وبرمتنا كما هي.

🌾
🥭
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *