بني قريظة ينقضون العهد

قال ابو سفيان: هذا يوم ليس لنا به نصيب امطروهم نبالكم، فأخذوا يتراشقون النبال، واخذ الصحابة يردوا عليهم بالنبل حتى شغلوهم عن صلاة الظهر والعصر والمغرب غابت الشمس، ولم يصلوا وهم ثابتين مكانهم،

فأمر النبي بلالا ان يؤذن ثم اقام فصلى بهم الظهر ركعتين، ثم اقام فصلى العصر ركعتين، ثم اقام فصلى المغرب، وكان قد دخل العشاء فقام وصلى بهم العشاء اربع ركعات في وقت واحد، ثم قال: (لقد شغلونا عن صلاة الوسطى ملأ الله قبورهم ناراً)، لمن ختم له بالكفر استحق ذلك. وحاصروا المدينة ثمانية عشر يوما وكانت صعبة على المشركين جداً لأنهم جاؤا وهم غير مستعدون لفرض الحصار لمدة طويلة، فليس لديهم مؤن تكفي، ولكن استمرت المناوشات، والطقس كان بارداً جداً، ولا يوجد ربيع ترعاه الإبل ولا الخيل، فلقد ظنت أنها جولة يوم أو يومين وينتهي الأمر

وأقامت في شر مقام واحتاروا في أمرهم فلا مجال لأقتحام الخندق، فلما رأى حيي بن اخطب أن لا فرصة ولا مجال لتحقيق هذه الحملة من الاحزاب إلا اخوته من يهود بني قريظة اجتمع مع زعماء الأحزاب، وطمئنهم أنه سيحل مشكلة الخندق، وأن يجعل الخندق مقبرة للمسلمين بدل ان كان حصناً لهم قالوا: كيف ذلك؟ قال: إخواننا من بني قريظة يفتحوا لنا أبواب حصونهم، وأنا سأقنعهم بذلك، فأعجبوا بفكرته فأستأذنهم وانطلق الى كعب سيد بني قريظة، وكان قد اغلق ابواب الحصون والتزم بالمعاهدة لما جاءت الاحزاب، فلما سمع كعب بقدوم حيي رفض أن يستقبله ويفتح له الباب،

فناداه حيي: ويحك يا كعب افتح لي اكلمك، فأطل عليه كعب من نافذة الحصن وقال: ويحك يا حيي إنك امرؤ مشؤوم ماذا تريد؟ ألا تذكر ما فعلت بقومك؟ وإني قد عاهدت محمداً، فلست بناقض ما بيني وبينه، ولم أرى منه إلا وفاء وصدقا

قال: دعني أدخل وأكلمك، قال: لا تكلمني ولا اكلمك، فصاح حيي: والله إنك يا كعب ما أغلقت بابك دوني إلا خوفاً على جشيشتك أن آكل معك منها، فغضب كعب وقال: ويحك افتحوا له الباب قال: ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر وبحر طام قال: وما ذاك؟ قال: جئتك بقريش حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال، وجئتك بغطفان حتى أنزلتهم بذنب نقمى، وهذا غير الأحابيش والأعراب، وعاهدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه، ثم أنت تغلق الابواب في وجهي؟ فقال: جئتني والله بذل الدهر، وبجهام قد هرق ماؤه يرعد ويبرق وليس فيه شيء، ويحك دعني وما أنا عليه إني على عهدٍ مع الرجل ولم أرى إلا وفاءً وصدقا.

فلم يزل معه حتى وافقه ونقض عهده مع رسول الله، قال كعب: ولكن إن انهزمت الأحزاب يا حيي؟ قال: أعاهدك يا كعب لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يصيبوا محمدا، أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك،

فوقف حبرهم يعظهم ويذكرهم، ويقول: اقسم بربِ موسى وعيسى إنكم لتعلمون أنه النبي المنتظر، ومن يحارب نبي الله يخذل، إن لم تنصروا فدعوه هو وعدوه ولا تنقضوا عهدكم معه، ولكنهم لم يسمعوا له وقال: اجمع قومك يا حيي، وحددوا يوماً لكي افتح لكم ابواب الحصن.

🌾
🌹
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *