زلزلة المؤمنون

وصل الخبر للنبي صلى الله عليه وسلم، بغدر بني قريظة وهذا تحول خطير جداً في المعركة لصالح الأحزاب،

فبعث الزبير بن العوام، ليستطلع له الخبر، فوجدهم يرممون حصونهم، أستعداداً للحرب فعاد مسرعاً وأخبره بذلك،

فأراد النبي أن يتأكد من ذلك فأرسل إليهم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وعبدالله بن رواحة وقال لهم: (انطلقوا حتى تأتوا هؤلاء القوم، فتنظروا أحقاً ما بلغنا عنهم ام انها شائعة، إن كانت شائعة فاجهروا بها على الناس حتى يطمئنوا، وإن كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه ولا تفتوا في أعضاد الناس)،

أنطلقوا، فلما رأوهم اغلقوا في وجههم أبواب حصونهم فنادهم سعد بن معاذ من وراء الحصون: يا كعب فأطل قال له سعد: ألا تفتح لنا؟قال: ماذا تريدون؟ نحن في حرب، قال سعد: بلغنا عنكم امراً، فجئنا إليكم نستوثق قال: وما بلغكم عنا؟ قال: بلغنا أنكم نقضتم عهدكم مع رسول الله قالوا: من رسول الله هذا؟ قال: ويحك محمد رسول الله قال: ومن قال لك ان محمداً رسول الله؟ ثم من محمد هذا نحن لا نعرفه؟وليس بيننا وبينه عهداً ولا ميثاق، فغضب سعد وثار فشاتمهم، وشاتموه، فقال له سعد بن عبادة: دع عنك مشاتمتهم الذي بيننا وبينهم أربى من المشاتمة، قال سعد وهو مغضب: لا والله لا أنصرف عنهم حتى اسمعهم ما يرضي الله ورسوله، قال سعد: يا اخوة القردة والخنازير، إني لأرجو الله أن يهزم الأحزاب وحده، فينقلبوا بغيظهم فلا ينالوا خيرا، ثم نأتيكم ونحاصركم في جحوركم هذه، فتنزلوا على حكمنا،

ثم انصرفوا الى رسول الله وقالوا له: عضل والقارة، فعلم النبي أنه الغدر فاغتم لهذا الخبر حتى أنه غطى رأسه بالثوب ولم يكلم احداً، فاضطجع ومكث طويلاً ،فلم يكلم احد فاشتد على الناس البلاء والخوف حين رأوه اضطجع، وبرغم هذه المحاولات من الرسول لعدم انتشار هذا الخبر لكنه انتشر، فكان من أشد الإبتلاءات التي مر بها المسلمون، وعرفوا أنه لم يأته عن بني قريظة خير،

ثم رفع رأسه وقال: (أبشروا بفتح الله ونصره)، ليتوجهوا بقلوبهم بصدق الى الله وهو الذي يقول: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} مادام الآن انقطعت جميع الأسباب، إذن (فأبشروا بفتح الله ونصره) وهذه سنة الله، قال تعالى: {حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}، والآن هم في حالة كرب وغم،

فجاءت طائفة تستأذن الرسول، يقولون بيوتنا عورة، وقريبة من قريظة، ونخشى على النساء والذرية، فهل تأذن لنا نحمي بيوتنا، ونصد عنكم ما استطعنا من بني قريظة، فصدقهم وكاد أن يأذن لهم بالذهاب، فدخل سعد بن معاذ على غير موعد، فوجدهم يستأذنون والنبي يريد ان يأذن لهم، قال: ما شأنهم يا رسول الله قال:(يريدون ان يستأذنون فإن بيوتهم عورة ليحموا النساء والذرية)

فقال سعد: لا والذي بعثك بالحق ماهي بعورة إن يريدون إلا فرارا، هذه عادتهم معنا دائماً يا رسول الله، ما دهمنا أمر إلا خذلونا واستأذنوا، فلا تأذن لهم يا رسول الله، فلم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم لهم، والنبي كان قد أمر أن تجلس النساء والاطفال فوق الحصون، اما الآن وقد نقضت عهدها اليهود لم يعد هنالك آمان، فممكن اليهود أن يدخلوا ويقتلوا النساء والذرية وينهبوا البيوت فأضطرب الصحابة واصبحت قلوبهم ليست معهم، بل عند اولادهم ونسائهم وصدق الله، فقد زلزل المؤمنون {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدً} هذه الزلزلة جعلت الصحابة يفاوضون النبي: يارسول الله ألا نرسل منا من يحفظ النساء والذرية؟ قال: (أجل نرسل كل ليلة طائفة يظهرون التكبير ويطوفون ببيوتنا، فتسمع بهم بني قريظة فيعلمون أننا لم نترك نساءنا من غير رجال وحرس، ويعودون إلينا بالنهار وتوجه النبي صلى الله عليه وسلم الى ربه في كشف هذه الغمة، ولا يعرفون في اي يوم اتفقت يهود مع الاحزاب على نقطة الصفر ليفتحوا لهم ابواب حصونهم؟ ونزل القران يفضح المنافقين،

كما نطق سعد بن معاذ، وما قال كلمة يوم الخندق إلا نزل القرآن بعدها بنفس النص الذي نطق به سعد، وما دعى دعوة يومها إلا استجيب له كما أراد، رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه،

🌾
💐
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *