موقف

الشجاعة والجرأة في قول الحق :

قتلَ عبد الله العبّاسي ، 38 ألف مسلم بعدَ أنْ دمّر الدّولة الأموية و أسّس الدولة العبّاسية ودخل بخيله مسجد بني أُمَيّة و لُقِبّ تاريخياً بالسفاح ثم دخل قصرهُ وقال : أَتَرَونَ أَحَد مِن النّاس يُمكِن أن يُنكِر عليّ ؟

قالوا له : لا يُنكِر عليك أحد إلا الأوزاعي فأمَرُهم أْن يُحضِروه

فلمّا جاؤوا الإمام الأوزاعي قام رحمهُ الله فاغتسل ثم تكفّنَ بكفنِه و لبس فوقهُ ثوبه وخَرَج من بيتِه إلى القصر

فامر الحاكم وزراءه وجُندَه أنْ يقفوا صفّين عن اليمين والشّمال وأن يرفعوا سيوفهم في محاولةٍ لإرهاب العلاّمة الاوزاعي رحمه الله ثم أمرهم بإدخاله فدخل عليه رحمه الله يمشي في وقار العلماء و ثَبَات الأبطال

و يقولُ عن نفسِه : والله ما رأيتهُ إلا كأنه ذُبابٌ أمامي يوم أنْ تصوّرتُ عرشَ الرّحمن بارزاً يوم القيامة وكان المُنادي يُنادي فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير والله ما دخلت قصرهُ إلا و قد بعتُ نفسي من الله عز وجل .

فقال له الحاكم السّفاح : أأنت الاوزاعي ؟ فرد عليه بثبات : يقول الناس اني الاوزاعي اغتاظَ السّفاح وأرادَ إهلاكَه

فقال : يا أوزاعي ما ترى فيما صَنعنا من إزالة أيدي أولئك الظلمة عن العِباد والبِلاد أجِهاداً و رِباطاً هو ؟

قال: أيها الأمير حدّثني فُلان عن فُلان قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله يقول: «إنّما الأعمال بالنّيات، وإنما لكل امرئ ما نوى ».دهشَ السّفاح من هذه الإجابة المُسدَّدة فنكتَ بالخَيزرانة في يدِهِ على الأرض ، أشدّ ما ينكت،

ثم قال :ما ترى في هذه الدماء التي سفكنا مِن بني أُميّة ؟ قال : حدّثني فلان عن فلان عن جدّك عبد الله بن عباس أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال : “لا يحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ يشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنّي رسولُ اللهِ ، إلا بإحدى ثلاثٍ النفسُ بالنفسِ ، والثّيِّبُ الزاني ، والمفارقُ لدِينِه التاركُ للجماعةِ” فغضب الحاكم جداً و رفَعَ الأوزاعِي عِمامته حتي لا تعوق السّيف وتراجعَ الوزراء للوراء ، و رفعوا ثِيابهم حتي لا يصيبهم دمه

فقال له السّفاحُ وهو يشتاطُ مِن الغَضَب : ما تري في هذه الأموال التي أُخِذت وهذه الدُّور الّتي اغتُصِبت ؟فقال له رحمهُ الله : إن كانتَ في أيديهم حراماً فهي حرامٌ عليك أيضا، وإن كانت لهم حلالاً فلا تحل لك إلا بطريق شرعي. وسوفَ يُجرِّدُك اللهُ يوم القيامة و يُحاسِبك عُرياناً كما خَلَقك فان كانت حلالاً فحساب وان كانت حراما فعقاب فزاد غيظَ الحاكم أكثر وأكثر ونكتَ على الأرض ، بعصاهُ ، أشدّ ما ينكت و الإمام يردد جهراً : حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم .

فقال له : اخرج عليّ و رماهُ بصرّة مال ليأخُذها فرفض الإمام اخذها ، فأشار عليه احد الوزراء بأخذها فأخذها من يدِه و نثرها أمامه في أثواب الوُزراء و الحاشية ثم ألقى الكيس و خرجَ مَرفوع الرأس قائلاً : ما زادني الله إلا عزةً و كرامه ولما مات الامام الاوزاعي رحمه الله ذهب الحاكِم إلي قبره و قال : والله إني كنتُ أخافك كأخوفِ اهل الارض و ما خِفتُ غيرك والله إني كنت إذا رايتك رأيت الأسد بارزاً 🌾🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *