نزول سورة الفتح

بعد توقيع الصلح، دخل عمر على ابي بكر في خيمته وقال: يا ابا بكر، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ قال: بلى، قال: أليس نبينا نبياً حقاً؟، قال: بلى، قال: أليس ما ينطق عن الهوى؟، قال: بلى، قال: ألم يخبرنا في المدينة؛ أننا ندخل البيت مطمئنين محلقين ومقصرين، قال: بلى، قال: فلما لم يتم ذلك؟ فقال ابو بكر : يا عمر إنه رسول الله حقاً، فألزم غرزه حتى تموت، واتهم نفسك ورأيك، ثم لا والله لا أدعك ياعمر حتى تقوم معي الآن، وأجلسك بين يدي رسول الله وتسمعه ما أسمعتني، فأخذه بمجامع ثوبه، ودخل به على خيمة النبي وقال: يارسول الله بأبي انت وأمي اسمع ما يقول عمر؟ فأعاد عمر العبارات نفسها، فقال النبي: (والله اني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري، لقد اخبرتك أن ندخل البيت محلقين ومقصرين) ثم اخذ النبي بمجامع ثياب عمر وجذبه إليه وقال: (أقلت لك أنك تأتيه هذا العام؟)، قال: لا فقال النبي: (فإنك آتيه ومتطوف به ان شاء الله) فسكت عمر، وأتهم نفسه ورأيه، ورضي برأي النبي صلى الله عليه وسلم، وفي الطريق الى المدينة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم سورة الفتح، فإذا بالصحابة يصيحون: يوحى الى النبي، يوحى الى النبي فكانت القصواء عندما يتنزل الوحي عليه وهو راكب عليها لا تستطيع السير تثقل حركتها، فإذا أشتد الوحي تودد ساقيها على الارض، ثم إذا اشتد لا تقوى على الوقوف فتبرك، وتحك بكُلكالها الأرض، فعندما رأوا معالم الناقة قالوا: رسول الله يوحى إليه، قال عمر: في تلك اللحظة فأحسست أن قلبي يخرج من حلقي وقلت ويل أمك يا عمر، لقد أنزل الله بك قرآن يتلى الى قيام الساعة، من انت ياعمر حتى تخالف رأي النبي صلى الله عليه وسلم؟ وقلت: فتح لي باب من النفاق فمازال الناس ينادون يوحى لرسول الله، حتى سمعت صوتاً ينادي أين عمر؟ أين عمر؟ أجب رسول الله يا عمر، قال عمر: فوالله ما حملتني رجلاي وقلت ليت امك لم تلدك يا عمر، فمشيت الهوينة حتى أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت وجهه مشرقاً ليس به علامات الغضب فنظر إلي وأبتسم وقال: (أقبل يا عمر)، فأقبلت فقال: (لقد انزل الله علي سورة هذه الساعة احب إلي من الدنيا وما فيها ، وأحب الي مما طلعت عليه الشمس

وعندما تلاها علي جبريل قال لي هنيئاً لك يا محمد)، فقلت له: هنيئاً لك يا رسول الله فقرأ النبي: {انا فتحنا لك فتحًا مبينا} الى ان وصل لقوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا}، فبشر الله نبيه والمؤمنين بفتحين وليس فتح واحد، كانوا الصحابة في طريقهم للعمرة وقلوبهم على اهلهم في المدينة {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا} اي كانت يهود خيبر تريد غزو المدينة {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا} لكي ما تضيعوا وقتكم وترجعوا فوراً للمدينة، لتقضوا على يهود خيبر الذين كانوا يكيدون للمسلمين وغزو المدينة {فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا}، بشرهم الله بفتح خيبر ويأتي بعده الفتح الثاني وهو فتح مكة، قرأ النبي الايات وسمعها عمر وحمد الله ان ليس فيها ادنى اشارة لموقفه، وليس فيها طعن ولا لمز له ومع ذلك كله مازال عمر يخاف ذلك اليوم الذي علا فيه صوته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى وهو على فراش الموت يسأل حذيفة بن اليمان يبكي عمر قبل موته ويقول لحذيفة: أنشدك الله يا حذيفة هل ذكر رسول الله اسمي في المنافقين، ويضع خده على التراب وهو في النزع، ويمرغ خده بالتراب ويقول: ويلٌ لعمر إن لم يغفر له رب عمر رضي الله عنه وارضاه.

🌾
🍓
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *