قصة أبو بَصير رضي الله عنه

لم يمضي على صلح الحديبيه إلا بضع أيام حتى وصل ابو بصير للمدينة مشياً على الأقدام، هو من ثقيف، وقد أسلم وتعرض للتعذيب الشديد قي مكة، واستطاع الهرب، ودخل المسجد هزيلاً مغبراً متعباً من السفر، فسلم وردوا عليه،

ومن مكارم اخلاق النبي استقبله وقال: (ما أقدمك يا ابا بصير؟)، قال: حب الله ورسوله قال: (ثبَّتَ الله محبة الله ورسوله في قلبك، أجلس يا ابابصير)، فما هو إلا يومين وإذا برسل قريش خنيس بن جابر العامري، وكوثر دليل معه يعرف الطريق، بكتاب من ابي سفيان وسهيل بن عمرو يطلبان رد ابا بصير الى قومه،

فدفعه لصحابي ليقرؤه وابو بصير يسمع: الى محمد بن عبد الله، قد عرفت ما شارطناك عليه من رد من قدم عليك من أصحابنا، فابعث إلينا بصاحبنا، فقال ابو بصير: يا رسول الله أتردني إلى المشركين يفتنونني عن ديني؟

فقال له: (يا ابا بصير انا قد اعطينا القوم، واعطونا واشهدنا بيننا وبينهم، وإن ديننا لا يأذن لنا بالغدر، فلا بد أن نوفي بعهدنا فأرجع مع صاحبيك الى قومك، وسيجعل الله لك فرجاً ومخرجاً قم يا ابا بصير فأرجع مع القوم)،

فقام على مضض وكره ولكن الايمان يضطرب بين جنبيه فودع النبي واصحابه وانطلق معهم في اول النهار، وعند ميقات ذي الحليفةأستاذنهما أن يصلي فقد حان وقت الظهر قالوا: أجل، وهو وقت راحتنا ايضاً، ثم جاء واخرج جراب فيه تمر ودعاهم للطعام، فأخرجا سفرتهما وجلسوا يأكلون، ثم قام كوثر ليقضي حاجته، فأخذ خنيس يحدث ابا بصير فأخرج سيفه ثم اخذ يُقلبه، ويهزه في وجه ابو بصير ويقول له مفتخراً: اي ابا بصير لأضربن بسيفي هذا يوماً الأوس والخزرج حتى يدخل الليل

فقال: وهل سيفك هذا صارماً الى هذا الحد؟ فقال: أجل، والله إنه لجيد لقد فعلت به كذا وكذا وانت لا تعرفه

فقال أبو بصير: اتأذن لي أن أنظر إليه؟، قال: أجل، فأخذه واخذ يقلبه بين يديه حتى تمكن ثم اطاح به حتى أبرده،

عاد كوثر ونظر فأصابه الذعر فجعل طرف ثوبه بين اسنانه، واخذ يجري والسرار يتطاير خلفه، فنظر إليه ابو بصير ويضحك،

ثم جمع متاعه، واخذ راحلة المقتول وتوجه للمدينة بكل هدوء، اما كوثر مازال يجري حتى وصل المسجد وكان النبي قد فرغ من صلاة العصر، فقال لهم النبي: (إن هذا الرجل قد رأى ذعراً)، فلما دخل عرفوه فأنطلق مذعوراً مرعوباً خلف كتفي النبي ويقول: مستجيرٌ بك يا محمد، قال النبي:(ويلك ما الأمر؟) قال: قد قتل صاحبكم، صاحبي، وهو قاتلي، فأمنه النبي، وأجلسه واسقاه الماء حتى زال رعبه،

وجاء أبو بصير بكل هدوء وقال: السلام على رسول الله قال: (وعليك السلام) قال: يا نبي الله أما انت قد أوفى الله ذمتك، وقد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم، واعتصمت بديني ورجولتي ولا حرج عليك، وهذا سلب المقتول اضعه بين يديك،

فقال النبي: (يا ابابصير إني اذا خمسته، رأوني قريش لم اوفي لهم بالذي عاهدتهم عليه ولكن شأنك بسلب صاحبك، اذهب حيث شئت، ولا تقم في المدينة، فقال أبو بصير: يا رسول الله، أعطني رجالاً أفتح لك مكة فالتفت النبي لاصحابه وقال: (ويل أمه مسعر حرب، لو كان معه رجال)، سمع العبارة فاستأذن وودع النبي والصحابة ثم خرج، لا أحد يدري أين توجه؟

اما الدليل كوثر فأمنه النبي مع رجلين من اصحابه، حتى لا يعتدى عليه واوصلوه الى اطراف مكة، ودخل وأخبر قريش بالذي حدث.

🌾
🍎
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *