حصار حصون خيبر(٢)

كانت حصون خيبرة محصنة جدا، استمرت محاولات المسلمين لفتح حصن ناعم، وواجه المسلمون مقاومة شديدة، وجرح خمسين من الصحابة بسبب رمي السهام والحجارة من الحصن وأثناء الحصار خرج من الحصن قائد اليهود اسمه مَرحَب يطلب المبارزة، وكان عملاقا ضخم الجثة وكان من أشد الفرسان، وكانوا يقولون أنه يغلب ألف مقاتل وحده،

فخرج له عامر بن الأكوع رضي الله عنه، كان فارسا قويا ودار بينهما قتال شرس وكان يقاتل في حماسة، فضرب اليهودي ضربة قوية، ولكن مَرحَب ابتعد وطاشت ضربة عامر فلم تصب مَرحَب فأصابت ركبت عامر واستشهد بسيفه

فقال البعض: قتل نفسه فقال النبي: (إنه شهيد وإن له لأجرين)، وكان ممن استشهد محمود بن مسلمة الأنصاري، وقد حارب حتى أعياه الحرب، وثقل السلاح وكان الحر شديدا، ألقى عليه اليهود حجر من فوق الحصن فكسرت الخوذة على راسه وتهشمت، ودخل الحديد في جلد رأسه ونزلت جلدة جبينه على وجهه، وخرجت عينه من مكانها فأدركه المسلمون، فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فأرجع الجلدة إلى مكانها وعصبه بخرقة، واستشهد رضي الله عنه من شدة الجراحة بعد ثلاثة ايام،

وأصاب المسلمون جوع شديد، ولم يكن معهم من الطعام إلا السويق، واشتكوا للنبي صلى الله عليه وسلم الجوع، وقبل ان تغيب الشمس رأى النبي غنم حول الحصن ترعى قال: (ما خرجت هذه الغنم ترعى من غير راعي، ولعل لها مداخل ومخارج للحصن)، ثم ألتفت الى اصحابه وقال: (من رجل منكم يطعمنا منها ويرى لنا الطريق؟)، فقام ابو يسر بن عمر رضي الله عنه قال: انا يارسول الله، فأنطلق وكان النبي قد دعا له فقال: (اللهم متعنا به ونضَّر وجهه)،

واخذت الغنم تدخل في مساربها فأدرك آخرها فحمل شاتين ورجع، يقول : فأتيت للنبي بالشاتين، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلي وقال لي: (نضَّر الله وجهك)، ثم أمر أن تذبح الشاتين وأن تقطع، فأمر النبي بالشواء فاخذ الصحابة يشون ويضعون الشواء في وعاء وجلس النبي صلى الله عليه وسلم عند الوعاء ويضع يده في الوعاء ويمسك اللحم ويقول للصحابة: (خذوا واطعموا اصحابنا، خذوا واطعموا اصحابنا)، عاش ابو يسر مائة واثني عشرة سنة فكان يحدث هذا للتابعين وآخر من مات من الصحابة في المدينة، يقول ابو يسر: والذي بعثه بالحق ، لقد أطعم الجيش كله وما يزال بين يديه لحم مشواه، قال له التابعين متعجبين: كم كنتم؟ قال: اربعة عشرة مئة قالوا: وهل أكلتم جميعاً؟ قال: والله قد شبعنا، وفضل عن زادنا الى الغد.

استمر قتال المسلمين اثنا عشر يوما ولم يحقق المسلمون أي شيء وأصيب النبي صلى الله عليه وسلم، في ذلك اليوم بالشقيقة، ولم يستطع أن يخرج للقتال. …يتبع أن شاء الله.

🌾
🌹
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *