حصار خيبر (٣)

في اليوم الثالث عشر من الحصار أعطى النبي الراية لعدد من اصحابه، ولم يستطيعوا فتح الحصن، وأحبط المسلمون، ولا زالت أمامهم حصون كثيرة، شعر النبي بالأزمة النفسية التي فيها المسلمون، وأراد أن يعيد روحهم المعنوية فقال:(لأعطينَّ الراية غدا رجلا، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يفتح الله عليه)

قال عمر: ما تمنيت الإمارة يوما إلا ليلتها، لشهادة رسول الله ان من سيعطى الراية يحبه الله ورسوله، وباتوا وكلهم يرجون أن يحملوا الراية، وعند صلاة الفجر قالوا: كنا نتقاتل على الصف الأول، فلما انتهت الصلاة ألتفت النبي على أصحابه ووقف متكأ على سيفه، وأخذ يستعرضنا والعيون والآذان والقلوب معلقة تنتظر من الذي سيعطيه؟ قال عمر: فأخذت اتطاول فلما وقع نظر النبي عليَّ ثم جاز قلت: ثكلتك امك يا عمر لست انت فلما استعرضنا جميعا

قال: (أين علي؟) قالوا: يا رسول الله يشتكي عينيه قال عمر: ففرحت واذا بالنبي يقول: (ادعوه لي) فجيء يقوده رجلين فقال: يا رسول الله إني أرمد كما ترى، لا أبصر موضع قدمي، فأجلسه النبي، ثم وضع رأسه في حجره، ونفث في كفه وفتح عينيه فدلكهما فبرأ،

قال علي: فو الذي بعثه بالحق فما رمدت ولا صدعت وما اشتكيتهما ابدا، وكان بين يدي النبي خرقة سوداء فجدلها على راس علي، ودفع الراية اليه وقال: (يا علي امضي على بركة الله يفتح الله عليك ان شاء الله، امضي ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك) فركب الفرس وصاح: يا رسول الله اقاتلهم حتى لا ابقي منهم احدا، على ماذا اقاتلهم؟فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (قاتلهم على ان يشهدوا أن لا اله إلا الله، وأن محمد رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم، إلا بحقها وحسابهم على الله تعالى وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم)،

هنا يعطيهم النبي الفرصة الأخيرة اذا دخلوا في الإسلام، عفا الله عما سلف، وهذا هي قمة الرحمة لنشر دين الله. وانطلق كالسهم، والمسلمون خلفه، فكان اول من وصل الى الحصن وغرس الراية في أصل الحصن

واطلع يهودي من أعلى الحصن وقال: من أنت؟ فقال: أنا على بن أبي طالب فقال اليهودي: غلبتم وعلوتم وحق ما أنزل على موسى، وخرج إليه بطلهم اليهودي مَرحَب بسلاحه ودعا علي للمبارزة وهو يرتجز: (قد علمت خيبر أني مرحب // شاكي السلاح بطل مجرب)، فأجابه علي: (أنا الذي سمتني أمي حيدره // ضرغام آجام وليث قسوره) ثم التقيا فأختلفا بضربيتين فأراد مرحب ان يضرب علي بالسيف على راسه فتلقى علي ضربته بالترس، فثبت سيف مرحب بالترس حتى قسمه نصفين، فأنفتل مرحب يريد ان يضرب علي، فنظر علي فلم يجد الا ضرفة باب الحصن الذي فتح، فأخذه بيده الشمال واقتلعه وجعله ترس بيده يتلقى ضربات مرحب، ثم ضربه علي بالسيف ضربة قوية فشق بسيفه خوذته وشقه نصفين، حتى وصل الى رئته فأستقر بها فوقع على الارض،
قال الصحابة: عندما سقط الباب على الارض كأنه جدار انهار من ضخامته، كيف اخذه علي وحمله بشماله؟ لقد اجتمعنا سبعة نزحزح ذلك الباب كي نميطه عن الطريق ما استطعنا، إنما هي إرادة الله كن مع الله ترى الله معك، اصدق مع الله، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك؟

🌾
💐
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *