زواج النبي من امنا صفية

وقال النبي: (قم يا بلال فأتني بأهله) فقام وجاء بزوجتي كنان، ومر بهما على قتلى اليهود، فلما نظرت صفية وجدت أكثرهم من اهلها مسكت نفسها، ولكن ضرتها ولولت وشقت ثيابها وصكت وجهها وجلست على الأرض وحثت التراب على رأسها،

فأنتبه النبي، فقال: (ما هذا؟) قيل: بلال ومعه أزواج كنانة، وما زالت الفتاة تولول وتصرخ فاعرض النبي بوجهه عنها قال: (اعزبوا عني هذه الشيطانة) ثم نظر لبلال بوجه غاضب وقال: (يا بلال أمررت بالنساء على قتلاهم؟) قال: أجل، قال: (أنزعت منك الرحمة يا بلال، حتى تمرّ بامرأتين على قتلى رجالهما؟) فأستغفر بلال، وقال: استغفر لي يا رسول الله قال: (يغفر الله لك) ثم نظر لصفية فأطرقت رأسها حياءاً، ثم لاذت من وجهه ووقفت خلف منكبه فأمر النبي، أن ترسل الى خيمة ام سلمة رضي الله عنها تكريماً لأدبها، فلما فرغ من قسمة الغنائم دخل على الخيمة ثم نظر الى صفية وقال لها: (أنتِ أبنت حيي بن اخطب؟)

قالت: أجل يا رسول الله قال: (أمؤمنة انتِ، وتكتمي ايمانك) قالت: يا رسول الله، …، سمعت عمي يقول لأبي، اي يا ابن ام، أهو هو؟ فقال أبي: أيِّ وربِ موسى وعيسى إنه هو، وإني أعرفه اكثر مما أعرف ابنتي هذه قال: تعرفه بنعته وصفاته؟ قال: نعم والله قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته ما حييت، فقال: يا ابن أم أطعني في هذه، وأعصني بما شئت لا تناصب الرجل العداء، فإن ظهر أمره دخلنا فيما دخل الناس به، وإن هلك أصيب على يد غيرنا قال: لا، قال: لَِم تناصبه العداء؟ قال: لِمَ بعثه الله من ولد اسماعيل ولم يبعثه من ولد اسحاق، ووعيت هذا كله فوقع الإيمان في قلبي من ذاك اليوم، وأنك نبي، ولكن كنت لا أملك من أمري شيئاً وعلمت انك نبي، وانا اشهد أن لا اله الا الله، وأنك رسول الله خاتم النبين،

فأصطفاها لنفسه صلى الله عليه وسلم وألقى عليها الحجاب وعرض عليها الزواج فوافقت، وقالت: يا رسول الله! قد كنت أتمنى ذلك في الشرك فكيف إذا أمكنني الله منه في الإسلام؟ وجعل صداقها هو عتقها وبقيت في خيمة ام سلمة أيام علمتها الوضوء والصلاة والطهارة، وقد حاضت ثم طهرت،

فلما ترك خيبر وأصبح على بعد حوالى عشرة كيلو مترات من خيبر أراد أن يدخل على السيدة صفية، فامتنعت عنه، ولم يراجعها حتى اذا ابتعدوا عن ارض خيبر ووقف النبي للمبيت قامت، فأغتسلت وامتشطت وتطيبت، ثم أرسلت امرأة الى النبي تقول له: إن صفية تعرض عليك إما أن تأتيها أو تأتيك فذهب النبي لخيمتها فوجدها قد أعدت نفسها، فجلس في خيمتها قال: (نعم يا صفية) قالت: فداك ابي وامي وكل آل حيي يا رسول الله أريد أن احدثك ونظر النبي في وجهها فوجد في عينها اخضرارا فسألها عن ذلك فقالت: رأيت رؤيا، فقصصتها على كنانة، رأيت القمر قد جاء ماشيا من يثرب الى خيبر، فلما استقر واكتمل ووقف فوق خيبر وقع واستقر في حجري، فغضب كنانة غضباً لم أرى مثله من قبل ولطمني على وجهي لطمة وقال: يا عدوة نفسها أتطمعين أن تكوني زوجة عند ملك يثرب محمد؟ فوقع ذلك في قلبي، وقلت في نفسي ارجو ذلك، فقال لها النبي: (يا صفية فلماذا رغبتي عني، ما حملك على الامتناع أولا، وانتظرتي حتى الان)، قالت: خشيت عليك من قرب اليهود، ورأيت ما اعدت زينب فإني خشية والدماء ما تزال حارة ، وإن أنت نمت في خيمتي وعلمت يهود أني أصبحت فراشاً لرسول الله، ان يثور الدم في عروقهم من جديد ويثأروا بك غدرا، ووالله ما فعلت ذلك، إلا من خوفي عليك من غدرهم يا رسول الله، وتهلل وجه النبي صلى الله عليه وسلم، ودعا لها بالخير ومسح بيده على اثر تلك اللطمة، فزال ما عليها من اثار وعادت عينها أحسن مما كانت، وبنى بها صلى الله عليه وسلم.

🌾
🍇
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *