موقف هرقل وعماله من الرسالة

كثر الصخب وارتفعت الاصوات عند هرقل، فقام وانطلق متوجها من الاقصى الى مقر حكمه حمص، واخذ معه حامل الرسالة، فلما وصل أمر أن يجتمع عنده عظماء الروم في دسكرة له، فلما اجتمعوا أمر ان تغلق الابواب، ثم قال: يا معشر الروم هل لكم في الفلاح والرشد، وأن يثبت ملككم فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوا الابواب قد أغلقت، فقالوا له: اتدعونا أن نترك النصرانية ونصير عبيدا لأعرابي؟ فقال لجنده ردوهم عليّ، وقال: إني قلت مقالتي أختبر بها شدتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له ورضوا عنه، ثم اكرم هرقل دحية غاية الاكرام وحمله بالهدايا، وقبل ان يغادر دحية، جاءته رسالة من عامل هرقل والي دمشق، الحارث بن أبي شمر، الذي بعد ما قرأ رسالة النبي، قال من ينزع مني ملكي؟ اني سائر اليه ولو كان باليمن لجئت اليه، وقال: انقل لصاحبك ما سمعت، ونادى: يا قائد الجند جهز لي جيشا اغزو المدينة، وتذكر أنه ليس صاحب الامر، وارسل الى هرقل يقول فعلت كذا وكذا، قال دحية: جاء رسول بن ابي شمر ملك الشام لهرقل وانا عنده قال: فغضب هرقل غضباً شديداً، وأمر أن يرسل إليه أن لا تفعل ولا تزعج الرجل واكرم وفادة حامل الرسالة واعتذر للرسول واكرمه وحمله هدايا، ولغى فكرت غزو المدينة. وكذلك موقف عامله شرحبيل بن عمرو الغساني والي البلقاء، عندما رأى حامل الكتاب قال له: الى اين؟ قال: الى ملك بُصرى، قال: لعلك من رسل محمد الذي يزعم انه نبي؟ قال: نعم فما كان منه الا ان ضرب عنقه فورا، قبل ان يستلم الكتاب، وغضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا وحزن، ولم يقتل من رسل النبي إلا هذا، وبسبب مقتله كانت غزوة مؤتة التي وقفها فيها الكون كله. وما اشبه اليوم بالأمس، سبحان الله الذي قال: {وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس} هرقل عظيم الروم استقبل الرسالة وكاد ان يسلم، والذين تحت يديه من العرب هم الذين اساؤوا، وكان هرقل يوقن من الكتب التي قرأها أنه في يوم الأيام سيتحول كل الملك الذي بين يديه الى رسول الله، ووجد هرقل نفسه بعد ذلك منجرفا ومنقادا لحرب المسلمين في مؤتة وتبوك، ثم بعد ذلك الحروب المتتالية في الشام ومصر في عهد أبي بكر وعمر ويبدو أن فتنة الكرسي لا تعدلها فتنة كان هذا هو موقف الدولة الرومانية، تردد في لحظة فاصلة، ثم حروب طاحنة، وهذا الموقف نراه كثيرا في التاريخ، فكثير من زعماء ورجال الدين في العالم يعرفون صدق الإسلام، ويعرفون نبؤة النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم يرفضون الإسلام حفاظا على كراسيهم وعروشهم،

🌾
💐
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *