قرار اسلام خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة

تأخر إسلام خالد بن الوليد رضي الله عنه، لأنه كان من بيت يكره الإسلام. فأبوه نزلت فيه عشرون آية من سورة المدثر، وكان خالد يخشى على مكانته، فهو من السادة وقائد فرسان قريش، واسباب إسلامه كثيرة، مشاهدته في صلح الحديبية المسلمون وهم يصلون، فعلم إن القوم ممنوعون، وعمرة القضاء تركت أثراً آخر، أقرار من قريش أن تخلي له مكة، فيطوفون وحدهم، في وضح النهار محرمين ملبين مكبرين، وحول البيت آلهتهم التي طالما سفه احلام من يعبدها ورجالات قريش تنظر إليه فحرك تفكير العقلاء، يعود بعد سبعة اعوام في وضح النهار وحوله الفي رجل محرمين يطفون ويعلنون دينهم علانية في مكة ولا يستطيع احد أن يعارضهم ما سر هذا الرجل؟ لقد قاتلناه مراراً فأنتصر علينا، وها هو قد طاف في الكعبة مع كنا نستهين بهم ونعذبهم، من أين يستمد قوته؟ وقريش قد أذعنت له، وقضى على آخر اليهود في خيبر، واليوم يدخل مكة في وضح النهار. قلت في نفسي: لم تعد مكة دار إقامة، لعله يأتي في كل عام فيعتمر ويحج، ولعل أمره يظهر على قريش ففكرت أن أغادر الى الحبشة فتذكرت ان النجاشي قد دخل في دينه فقلت: اخرج الى قيصر سيعرض علي النصرانية وادخل في دينه ما دمت في حماه وموالي للعجم فأفقد قومي وعشيرتي أين أذهب؟ وبينما انا كذلك، واذا بقارع يقرع الباب ويسلمني رسالة من اخي الوليد قال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد: فإني لم أرى أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام وعقلك عقلك، يا خالد مثل الإسلام لا يجهله أحد؟ وقد سألني رسول الله عنك، وقال: (أين خالد؟)، فقلت: يأتي الله به مسلماً إن شاء الله، فقال: (ما مثل خالد يجهل الإسلام ولو كان جعل نكايته وجَدَّهُ مع المسلمين على المشركين لكان خيراً له، ولقدَّمناهُ على غيره)، فاستدرك يا أخي ما قد فاتك من مواطن صالحة، فلما قرأت كتابه زدت رغبة في الإسلام، وسرني سؤال رسول الله عني وقوله: ما مثل خالد يجهل الاسلام، فاهتز قلبي بهذه الرسالة، فهزتني مقالته، وجعلتني أقُلب الأمور رأساً على عقب واقول: لقد قاتلته مراراً، وانا لا أدافع عن عقيدة ولا حتى أدري لما اقاتله؟ لماذا لا ادخل في دينه؟ واخذت أفكر واتدبر أمري، فنمت ليلتي تلك ورأيت في المنام كأني في بلاد ضيقة جدبة، فخرجت إلى بلاد خضراء واسعة، فيها المياه تتدفق، فقلت: إنها رؤيا، لأن صدقت فإني خارج من دين قريش الى دين محمد، فقررت أن أدخل الإسلام واردت ألا اهاجر وحدي، فذهبت الى صديقي صفوان بن أمية وعرضت عليه أن يدخل في الإسلام ويهاجر معي فقال: والآت لو لم يبقَ غيري من قريش لما اتبعته، فقلت في نفسي: رجل قُتل أباه وأخاه يوم بدر فأعذره، ثم ذهبت الى صديقي عكرمة بن أبي جهل وعرضت عليه أن يسلم ويهاجر معي فقال: لو لم يبقَ غيري من قريش لما اتبعته فقلت: وهذا اعذره لقد قتل اباه يوم بدر، ويحمل عار ابيه، فمضيت وقلت: لا أكلم أحداً، حتى لا يفشوا أمري فيسخر مني اهل مكة، وفي طريقي لقيني عثمان بن طلحة، فقلت: هذا اشد انكاراً من الذين قبله فقد قتل ابوه وعمه واخوته الاربعة يوم احد، فلا افضح امري بين يديه فلما لقيني عثمان سلم علي وسلمت عليه ثم اخذت اناقشه في الأمر واقول: ألا ترى أن أمر محمداً، قد علا علوا منكراً فما أصبحنا إلا بمنزلة ثعلب في جحر لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج، قال فأنصت إلي تماماً وقال: وأنا كذلك يا خالد فقلت: ألم يستقم الميسم فما علينا لو دخلنا في دين محمد يا عثمان؟ فقال: هذا ما عزمت ان أحدثك به والله لقد طاب المنسم يا خالد، فعلامَ نكابر؟ واتفق الإثنان على الخروج وتواعدا.

🌾
🌹
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *