الوصية لجيش معركة مؤتة

أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الجيش وقال: (انطلقوا باسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً صغيراً ولا امرأة، ولا تمثلوا ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين)، ثم ودعوهم بالدعاء، قالوا: صحبكم الله، ودفع عنكم، وردكم إلينا صالحين، فرد عليهم عبد الله بن رواحة بشعر، فقال: (لكنني أسأل الرحمن مغفرة // وضربة ذات فزع تقذف الزبدا)، (أو طعنة بيدي حران مجهزة // بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا)، (حتى يقال إذا مروا على جدثي // أرشده الله من غاز وقد رشدا)، وانطلق الجيش على بركة الله، في يوم الخميس من شهر آب والجو شديد الحرارة، قبل سقوط قرص الشمس حتى يبيتوا خارج المدينة، ثم ينطلقوا يوم الجمعة الى مؤتة، وفي يوم الجمعة وقف النبي صلى الله عليه وسلم على منبره يخطب، وعبدالله بن رواحة بين الصفوف، فلما فرغ النبي من صلاته قال له: (وما أبطأك عن صحبك يا بن رواحة، لما لم ترح معهم؟) فقال: احببت ان اجمع معك يا رسول الله فلعلها تكون اخر جمعة، قال الصحابة: فرفع النبي صوته بلهجة المعاتب المغضب وهو يقول: (والذي نفسي بيده لو أنفقت ما في الارض جميعاً ما أدركت غدوتهم)، فانطلق مسرعاً، واشعلت هذه الكلمات النور في قلبه، وسار الجيش ووصل بعد أسبوعين الى منطقة معان في جنوب الأردن، فوصلت اخبار الى زيد بن حارثة بأن الدولة الرومانية قد أرسلت جيشا قوامه مئتي ألف مقاتل، منهم ومن اتباعهم العرب فيهم خمسين ألف فارس، تأمل! مقابل ثلاثة آلاف مسلم، ويدل هذا على مدى الرعب الذي كان فيه الروم، والهيبة العظيمة التي استطاع النبي تحقيقها للدولة الإسلامية، فعرض زيد بن حارثة المستجدات واستشارهم، وكانت الأغلبية في الجيش مع الدخول في الحرب، فكان أجرأ قرار عسكري على مر التاريخ كله، فوقف عبد الله بن رواحة وقال: يا قوم والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا بقوة ولا كثرة، وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهورٌ وإما شهادة، ووصل المسلمون الى قرية شارف بعدما اقاموا يومين في معان، ولكن كانت غير مناسب للقتال فانحازوا الى قرية مؤتة، وأقاموا معسكرهم هناك وكان سبب الاختيار هو استغلال مزارع القرية وبيوتها لتكون حماية طبيعية للجيش فلا يتمكن الرومان من تطويق الجيش، وتكون المواجهة بنفس أعدادهم، ووصلت جيوش العدو، أمواج بشرية هائلة تنساب الى أرض المعركة، والمسلمون واقفون ثابتون كالجبال، قال أبو هريرة: شهدت مؤتة، فلما رأينا المشركين، ما لا قبل لنا به من العدد، والسلاح والكراع والديباج والحرير والذهب، فبرق بصري، فقال لي ثابت بن أقرم: يا أبا هريرة، مالك كأنك ترى جموعاً كثيرة؟قلت: نعم، قال: لم تشهدنا ببدر إنا لم نُنصر بالكثرة، وجاءت ساعة الصفر، وأعطى زيد بن حارثة اشارة البدء الى أصحابه.

🌾
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *