الخروج لسرية ذات السُلاسل

بلغ رسول الله أن جمعا من قبيلة قضاعة قد تجمعوا يريدون غزو المدينة، وهم في منطقة تسمي السُلاسِل نسبة لبئرها السلسل

وعرفت السرية بذات السُلاسل، واختار النبي لقيادتها عمرو بن العاص، رغم حداثة اسلامه، وعقد له لواء أبيض، وجعل معه راية سوداء وخرج على رأس جيش قوامه ثلاث مائة، فكان يسير بالليل ويكمن في النهار حتى لا ترصده العيون حتى اقترب، وبعث عمرو بن العاص العيون، فوصل اليه أن أعدادهم كبيرة جدا فأمر الجيش بعدم القتال، وأرسل الى النبي يطلب منه المدد، فأرسل النبي اليه مئتين من الصحابة وابو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما من ضمنهم، وهذا لا يعني الأمارة تكون لمن هو افضل، فأصبح جيش المسلمين عددهم خمسمئة ولكن لم يحدد النبي من هو أمير الجيش، واعتقد أبو عبيدة أنه هو الأمير وجاء موعد الصلاة وتقدم ليؤم الصلاة، فقال له عمرو بن العاص: أنما قدمت علي مددا، وأنا الأمير، وليس لك أن تؤمني، وغضب لأبي عبيدة من جاء معه فقالوا لعمرو بن العاص: كلا بل أنت أمير أصحابك وهو أمير أصحابه فرفض عمر بن العاص هذا الحل ، لأنه لا يمكن أن يكون هناك قائدان للجيش، فقال أبو عبيدة: انت الأمير يا عمرو وإنك والله إن عصيتني لأطيعنك، فقد قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا قدمت على صاحبك فتطاوعا ولا تختلفا) فقال عمرو بن العاص: فاني الأمير عليك فقال أبو عبيدة: فدونك، وتقدم عمرو بن العاص وصلى بالمسلمين وفيهم من فيهم، فالإمامة بالصلاة لا تعني الافضلية فلقد صلى النبي وهو خير الخلق اجمعين وراء ابي بكر، وابي عبيدة، وعبدالرحمن بن عوف، فالمطلوب الوحدة وعدم الإختلاف، من الطبيعي تختلف الافكار ولكن لا يصل هذا الخلاف الى النزاع والشقاق وسفك الدماء بل يتحدون ويتجمعون حول رأي واحد لأنهم طلاب آخرة، وأراد النبي أن يدرب الصحابة على ادارة الخلافات، والأزمات التي تواجه الأمة من بعده، فوضع القاعدة وهي تطاوعا ولا تختلفا وذلك قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}. وقبل المعركة رفض عمر بن العاص ان يوقد أي رجل نارا، وغضبوا فشكوا لابي بكر شدة البرد فقام ابو بكر الى الامير وكلمه فرفض، قال ابو بكر: وما عليك يا عمرو لو اشعلوا نارا فقد اهلكهم البرد قال: لا لا، لا يوقد أحد منهم نارا إلا قذفته فيها فقال ابو بكر: سمعا وطاعة. وبدأ القتال ووقعت معركة هائلة،وانتصر المسلمون، وأمر المسلمين بعدم تتبع قضاعة فغضبوا فلم يغنموا، وحدث أن احتلم عمرو بن العاص في ليلة شديدة البرودة، فأشفق وتيمم وصلى بالناس صلاة الصبح، ولم يقتنع الصحابة برأيه، وعندما عادوا الى المدينة اشتكى الصحابة للنبي فسأله: (يا عمرو لما منعتهم أن يوقدوا نارا؟) فقال: كرهت أن يرى عدوهم قلة عددهم، فأقره النبي على ذلك، ثم قال: (ولما منعتهم بعدم تتبع قضاعة ليغنموا منهم؟) فقال: يا رسول الله، كرهتُ ان يكون لهم مدد، فإذا توغلنا أنعطفوا علينا، فأحببت ان انجو بأصحابي وأردهم لك سالمين، وأقره النبي، قال الصحابة: يا رسول لقد صلى بنا وهو جنب فقال له: (أصليت بالناس جنبا يا عمرو؟) قال: يا رسول الله اني سمعت الله يقول {وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} فإن انا اغتسلت قتلت نفسي، فتيممت من شدة البرد، فتبسم النبي ولم يقل شيئا، وكان اقرارا لاجتهاده عمرو، فلما رأيت انه سُر بما صنعت، فحدثت نفسي إنه لم يبعثني على مثل ابي بكر وعمر ، إلا لمنزلة لي عنده خاصة قال فأتيته وجلست بين يديه وقلت: يا رسول الله من احب الناس عندك؟ فقال: (عائشة)، فقلت: بأبي وامي لست اسألك عن اهلك، قال: (فأبوها)، قلت: ثم من؟ قال: (عمر) قلت: ثم من؟ فأخذ يعد لي رهطً من مهاجرين وانصار فسكتت مخافة أن يجعلني في آخر المسلمين،

🌾
🍇
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *