إخبار النبي بما صنع حاطب

هبط جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بما صنع، فقال: (قم يا علي والزبير وطلحة والمقداد، وأدركا امرأة بمحل كذا، قد كتب معها حاطب بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له في أمرهم فخذوه منها وخلوا سبيلها، فإن أبت فاضربوا عنقها) فخرجوا مسرعين حتى أدركوها في ذلك المحل، فقالوا لها: أين الكتاب؟ فحلفت بالله ما معها، فاستنزلوها وفتشوها والتمسوه في رحلها فلم يجدوه، فقال علي: إني أحلف بالله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم قط ولا كذبنا، ولتخرجن هذا الكتاب، أو لنكشفنك ونمزق عليك الثياب، قالت: اعطيكم الكتاب ولكن اصرفوا وجوهكم عني، فأعرضوا بالنظر عنها، واستخرجته من شعرها، فأخذه علي ثم تركوها، ورجعوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس بين اصحابه، فقال: (اقرأ الكتاب يا علي)، وحاطب بين الناس فقرأ علي: من حاطب، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه إليكم بجيش كالليل، يسير كالسيل، وأقسم بالله لو سار إليكم وحده لينصرنه الله تعالى عليكم، فإنه منجز له ما وعده فيكم، فإن الله تعالى ناصره ووليه فنظر النبي لحاطب وقال له: (ماهذا يا حاطب؟ فقال: بأبي وأمي انت يارسول الله، والله ماكفرت منذ ان آمنت، ولكن امهلني حتى اقول لك، قال: (قل)، قال: يا رسول الله، لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش، وليس احد من اصحابك من المهاجرين إلا ولهم قرابات يحمون بها أهليهم وأمواله، فأحببت إذا فاتني ذلك من النسب فيهم، أن اتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام،

فقال النبي: (أما أنه فقد صدقكم)، فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يا عمر ومن قال لك انه منافق، انسيت انه بدري، ومايدريك يا عمر، أن الله تجلى واطلع على أصحاب بدر يوم بدر فقال: قد رضيت عنكم فأفعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم)، قال عمر: فما بقي بدري في المسجد إلا وجهش، فبسببها كانت هذه البشرى لاهل بدر، ثم اكب حاطب على يدي النبي صلى الله عليه يقلبهما ويبكي ويقول: والله لم انافق يا رسول الله، والنبي يقول له: (وانا اشهد)، فرفع من قدره أمام المسلمين، لتضحياته الكثيرة، فليس معنى أنه أخطأ مرة أن ينسى النبي صلى الله عليه وسلم ما قدمه من قبل، ولا يكون عونا للشيطان على حاطب، فالمسلم عندما يرتكب ذنبا يوسوس اليه الشيطان، أنه قد أضاع كل شيء ويحبطه عن التوبة، والنبي لا يريد لحاطب أن يسقط في هذه الدائرة، والبطولة هي أن تأخذ بيد المخطىء وتصلحه، وقد سجل القرآن هذا الموقف لحاطب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ } إذن وصفه بالايمان، واعداء الله هم أعداء حاطب، ثم دعى النبي صلى الله عليه وسلم ربه: (اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها).

🌾
🌹
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *