وممن اهدر دمهم وحشي بن حرب

هو الذي قتل حمزة رضي الله عنه يوم أُحد، وكانت الصحابة أحرص شيء على قتله، فلما فتحت مكة هرب إلى الطائف وقد علم أن دمه قد أهدر ، ثم بلغه أن من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً لا يسفك دمه، وفي حنين كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم غنائم حنين، جاء وحشي متنكرا حتى وقف وراء النبي صلى الله عليه وسلم والناس كثير وهو متلثم وقال: إني اشهد ان لا اله الا الله، وانك يا محمد رسول الله فألتفت النبي إليه وقال: (من؟)، فكشف اللثام عن وجهه وقال: وحشي ابسط يدك يا رسول الله ابايعك، فقال: (أوحشي؟)، قال: نعم، قال: (قاتل حمزة؟ اجلس بين يدي وحدثني كيف قتلت حمزة؟)، قال: أقبل اسلامي أولاً يا رسول الله، واغفر لي يارسول الله قال: (اما اسلامك فقد قبلناه، ولكن اجلس حدثني كيف قتلت حمزة وهو اسد الله واسد رسوله)، فجلس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يحدثه كيف قتل حمزة، غدرا لا مبارزة، فلما أخذ وحشي يتكلم، قال الصحابة: بكى النبي صلى الله عليه وسلم وعلا نحيبه، حتى أبكى كل من حوله، فلما فرغ وحشي، قال له: (أما إسلامك فقد قبلناه ولكن غيب وجهك عني الساعة)، قال: لا، والذي بعثك بالحق لا أقوم حتى تستغفر لي، فأستغفر له النبي صلى الله عليه وسلم ومسح صدره

وقال: (قم يا وحشي قد قبلنا اسلامك وغفر الله لك)، ارأيتم مكارم الاخلاق؟ صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} هل رأيتم اعظم من هذه المواقف؟ في ساعة ينقلب الغضب الى رضا، والعداوة الى محبة ويمسح صدره ويستغفر له، قام وحشي وقد اسلم ولما قبض النبي صلى الله عليه وسلم ولحق بالرفيق الاعلى، خرج وحشي وقاتل في حروب الردة في خلافة أبو بكر، فكان هو الذي قتل مسيلمة الكذاب بحربته التي قتل بها حمزة فكان يقول: أرجو ان تكون هذه بتلك.

🌾
🍁
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *