توزيع غنائم حنين

أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تجمع الغنائم في وادي الجعرانة القريب من حنين، وبعد فك الحصار عن الطائف توجه النبي الى الجعرانة لتوزيع الغنائم، وكانت أكبر وأعظم غنائم في تاريخ العرب وبلغت: اربعة وعشرون ألف رأسا من الأبل

واربعين ألف من الأغنام، ومئة وخمسون كيلو جرام من الذهب والفضة، وستون ألفا من السبي، وجلس النبي متأنياً في قسم الغنائم وهو يرجو أن تأتي هوازن مسلمة

ومن ضمنها بنو سعد ففيهم عماته وخالاته من الرضاعة، وكان يرجو أن يأتوا مسلمين فلا يقعون بالسبي، وهم من كرام العرب فلم يحب أن تسبا نسائهم واولادهم، ولكنهم تأخروا فأضطر أن يوزع الغنائم وكانت القاعدة الشرعية، أن أربعة أخماس الغنائم توزع بالتساوي على الجيش والفارس يأخذ ثلاثة اضعاف الراجل لأن الفارس ينفق بنفسه على فرسه، والخمس يتصرف فيه رئيس الدولة كما يشاء، فأخذ كل جندي جملين أو عشرين من الشياه، أو جمل وعشر من الشياه، أما السبي فكان البعض يأخذ والبعض لا يأخذ والذي لا يأخذ يعوض بالفضة، أما خمس الله ورسوله تم توزيعها على زعماء القبائل المختلفة، فأراد النبي أن يألف قلوبهم، ويشتري رضا هؤلاء الزعماء بالمال، فهو يشتري استقرار الدعوة الاسلامية، وجاء ابو سفيان وقال وهو ينظر الى الغنائم: يا رسول الله أصبحت أكثر قريش مالاً، فتبسم النبي ولم يرد عليه، فقال ابو سفيان: يا رسول الله اعطني من هذا المال، فقال النبي: (يا بلال زن لأبي سفيان أربعين أوقية من الفضة، وأعطوه مائة من الإبل)، فقال أبو سفيان: يا رسول الله، ما اعظمك واكرمك وأحلمك وابني يزيد، فقال النبي: (يا بلال زن له أربعين أوقية، وأعطوه مائة من الإبل)، فقال ابو سفيان: وابني معاوية،فقال النبي: (يا بلال زن له أربعين أوقية، وأعطوه مائة من الإبل)، فذهل وقال: ما أعظم كرمك، وما احلمك، فداك أبي وأمي، لقد حاربتك، فنِعمَ المحارب كنت، ثم سالمتك فنعم المسالم أنت، وحدث نفس الموقف مع حكيم بن حزام من أشراف مكة، وهو قرابة السيدة خديجة، ثم نظر النبي لحكيم وقال: (يا بلال اعطي حكيم مثلما اعطيت ابا سفيان)، فقال حكيم: ما احلمك واكرمك، زدني فليس لي ولد مثل ابي سفيان فأعطاه مائة ثانية، ثم سأله فأعطاه مائة ثالثة، فقال النبي: (يا حكيم إن هذا المال حلوة خضرة، فمن أخذه بسخاوة)، قال: والذي بعثك بالحق ما أردت إلا أن أسبر المواقف فوالذي بعثك بالحق لا أخذ إلا العطاء الاول فقط وقال: والله يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أسأل أحدا بعدك شيئا، ولا آخذ من أحد شيئا بعدك حتى أفارق الدنيا، وبر حكيم بقسمه، فأبى أن يأخذه كذلك في عهد ابو بكر وعمر بن الخطاب حتى فارق الحياة رضي الله عنه، وممن تألف قلوبهم النبي هو صفوان بن أمية، اشترك في حنين وهو لا يزال مشركا وطلب المهلة حتى يسلم شهرين فأعطاه، واستعار منه النبي عدة المحارب عارية مضمونة، وقد أعطاه مائة من الأبل كما أعطى زعماء مكة ثم وجده النبي ما زال واقفا ينظر الى أحد شعاب حنين وقد مُلئ إبلاً وشاة وقد بدت عليه علامات الإنبهار، فقال له النبي: (أبا وهب، أيعجبك هذا الشعب؟ هو لك وما فيه) قال صفوان: لي؟ قال: (نعم)، فأشرق وجهه وقال: إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا، ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبي، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فأسلم صفوان رضي الله عنه وصدق إسلامه.

🌾
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *