عندما وجد الانصار عطاء النبي من خمسه لسادة قريش مسلمها وكافرها عطاء ليس له حدود وجدوا في انفسهم فقال بعضهم لبعض: لقد لقي النبي قومه غفر الله لرسول الله يعطي قريش ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم بالامس؟ فلما بلغت هذه المقالة للنبي صلى الله عليه وسلم كان لها أثر في نفسه وارسل الى سعد بن عبادة، وقال لسعد : (يا سعد ما مقالة بلغتني عن قومك؟)، قال: اجل يا رسول الله ان هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظيمة في قبائل العرب، ولم يكن لهذا الحي من الأنصار منها شيء، فقال النبي: (فأين أنت من ذلك يا سعد؟)، فقال: ما أنا إلا رجل من قومي، فقال النبي: (إذن فاجمع لي قومك لا يخالطكم غيركم)، فجمع الأنصار أوس وخزرج في شعب لم يدخل فيه إلا انصاري، وأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم لا يصحبه إلا الصديق ابو بكر فحياهم بتحية الاسلام ثم حمد الله وأثنى عليهم ثم قال: (يا معشر الأنصار ألم تكونوا كفارا فهداكم الله بي؟ ألم تكونوا عالة فأغناكم الله بي؟ ألم تكونوا أعداء فألف الله بين قلوبكم بي؟) ثم قال: (ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟) قالوا: وبماذا نجيبك يا رسول الله، ولله ولرسوله المن والفضل؟ قال: (أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم قولوا: ألم أتيتنا مكذباً فصدقناك ؟ ألم تأتينا مخذولاً فنصرناك؟ ألم تأتينا طريداً فآويناك؟ ألم تأتينا عائلاً فواسيناك؟)، فأرتفع صوت الانصار بالبكاء وضج المكان وهم يقولون: المنة لله ورسوله يا رسول الله فقال لهم: (ما مقالة بلغتني عنكم ووجدة وجدتموها في انفسكم تقولون: لقد لقي محمد اليوم قومه، يا معشر الانصار أوجدتم في أنفسكم لعاعة من الدنيا تألفت بها قلوب قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يرجع الناس بالشاة والبعير، وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم؟)، فقالوا: أوفاعل انت يا رسول الله؟ قال: (اجل المحيا محياكم، والممات مماتكم انت الشعار والناس دثار، فوالذي نفس محمد بيده لو سلك الناس قاطبةً شعباً، وسلك الانصار شعب لسلكت مسلك الانصار، و لولا الهجرة لكنت واحدا من الأنصار)، ثم بسط يديه وهو يقول: (اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار)، يقول الانصار: فظننا انه لن يسكت حتى يعد مئة جيل من الانصار وبكى صلى الله عليه وسلم وقال: (الم اعهد إليكم يوم العقبة الدم الدم والهدم الهدم أسالم من سالمتم، وأحارب من حاربتم المحيا محياكم، والممات مماتكم)، فبكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم وهم يقولون: رضينا برسول الله صلى الله عليه سلم رضينا، رضينا، خذ ما بأيدينا من اموال واعطيها لاهل مكة، فازوا بالنبي صلى الله عليه وسلم.