حال الصحابة في الطريق لتبوك

فقد دخلوا في جوع وعطش شديدين، فلقد كانت المؤن قليلة جدا حتى كان الرجلين يقسمان التمرة بينهما وكان النفر يتداولون التمرة بينهم، يمصها هذا، ثم يمصها هذا، ثم يمصها هذا، واضطر الصحابة الى أكل ورق الشجر حتى تورمت شفاههم ثم نفذ الماء وأصاب الجيش عطش شديد، قال أحد الصحابة: حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، وبدأ المسلمون من شدة العطش ينحرون الأبعرة ويعصرون ما في بطونها من فرث ليشربوه، مع قلة الأبعرة وحاجتهم الشديدة اليها، قال عمر رضي الله عنه: خرجنا في حر شديد، فنزلنا منزلا أصابنا فيه عطش، حتى إن الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على صدره، فشكوا ذلك للنبي، فقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله قد عوّدك الله من الدعاء خيرا فادع الله لنا قال: (أتحب ذلك يا ابا بكر؟)، قال: نعم ورفع يديه صلى الله عليه وسلم فلم يرجعهما حتى أرسل الله سحابة فمطرت حتى ارتوى الناس واحتملوا ما يحتاجون إليه وكانت تلك السحابة لم تتجاوز العسكر وكان رجلا من الأنصار قال لآخر متهم بالنفاق بينهم: ويحك قد ترى، فقال هذا المنافق: سحابة مارّة وانتهت فأنزل الله تعالى وتجعلون رزقكم أي بدل شكر رزقكم أنكم تكذبون أي حيث تنسوبه للطبيعة تجمعت السحب في السماء ونزل المطر، فسقوا وارتوا وسقوا أنعامهم ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال عمر: يا رسول الله لو جمعنا ما بقي من أزواد القوم فدعوت الله عليها، فجاء المسلمون بكل ما ما بقي لهم من طعام فبارك النبي صلى الله عليه وسلم عليها حتى ملأ الزاد والطعام كل المعسكر، ومر الجيش في سيره على منازل ثمود قوم نبي الله صالح عليه السلام، وقد أخبر القرآن العظيم أن قوم صالح قد أهلكوا في هذه المنطقة، وهذه المنطقة بها أبيار للمياه، فأسرع المسلمون وشربوا وملئوا أوعيتهم بالماء، وعجنوا العجين بهذا الماء ليصنعوا خبزا يأكلوه بعد طول جوع ولكن المفاجأة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمرهم بأمر شاق جدا وهو ألا يشربوا من هذا الماء، حتى العجين الذي عجنوه بهذا الماء فلا يأكلوا منه، بل يعطونه طعاما للإبل، لأن هذا الماء هو ماء قوم ثمود فهو ماء غير مبارك فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تشربوا من مائها شيئاً، ولا تتوضئوا منه للصلاة، وما كان من عجين عجنتموه فأعلفوه الإبل ولا تأكلوا منه شيئاً)، ولم يجادل أحد النبي لأن عبودية الله تعالى وطاعة رسوله، لا تقتضي معرفة الحكمة من كل أمر بل إن بعض الأوامر قد يخفي الله عز وجل حكمتها عنا ليختبر مدى طاعتنا له، قال تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِينًا} اذن كان هذا الأمر هو اختبار جديد وابتلاء جديد للمسلمين كابتلاء جيش طالوت بعدم شرب المياه من النهر، ومثل تحريم أكل لحوم الحمير الأهلية في خيبر، ونجح الجيش في هذا الاختبار الجديد ولم يشربوا من ماء ثمود مع شدة حاجتهم، وايضا قال لهم النبي: (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، لا يصيبكم ما أصابهم)، وقنع النبي رأسه بالثوب وغطاه وأسرع بالمسير، ولم يدخل.

🌾
🍐
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *