تبوك وحال المنافقين

، النموذج الاول:

خرج مع الجيش بعض المنافقون رغبة في الغنائم، ورهبة من أن يفتضح أمر نفاقهم؛ فعندما جلس النبي ليستريح، كان الوديعة بن ثابت والجلاس بن عمرو ومخشن بن حمير من المنافقين يجلسون في خيمة واحدة، وقبل الرحيل ختموا جلستهم بغيبة لرسول الله، قال وديعة: لقد صدق والله ابن سلول أتحسبون أن جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضاً، والله لكأني بكم غداً مقرنين في الحبال، فضحكوا، أما جلاس معه ربيبه عمير كان مؤمنا، فقال: والله لئن صدق محمدٌ، لنحن شر من الحمير، فأجابه الفتى عمير بلغة المؤمن الصادق الذي لا تاخذه في الله لومة لائم: أنت شر من الحمير وإن لرسول الله صادق، فقال مخشن: والله لوددت أني أقاضى على أن يضرب كل رجل منا مئة جلدة، وإنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه، وإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لعمار بن ياسر: (قم يا عمار بن ياسر أدرك القوم، فإنهم قد احترقوا فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قلتم كذا وكذا، وقال فلان كذا، واجابه فلان بكذا، وقل لهم أنا محمد رسول الله)، فقال الصحابة: من يارسول الله؟ فسماهم النبي بأسمائهم، فانطلق يشق الصفوف، حتى أدركهم فقال: قفوا مالحديث الذي دار بينكم تنتقصون فيه رسول الله؟ فقالوا: ماقلنا شيئاً، وأقسم الجلاس والله ما قلنا شيء، فقال عمار: لا بل قلت يا فلان كذا، وقلت يا فلان كذا، فقام وديعة يجري وراء رسول الله، فجعل يتعلق بناقته يريد الاعتذار فلم يلتفت النبي إليه، فأمسك بحقاب الناقة واخذ يجري خلف النبي وهو يقول: يا رسول الله، اسمعني، إنما كنا نخوض ونلعب، وإذا بالراحلة تثقل وأخذت تمشي ببطئ، وعلموا أنه يوحى اليه، قال تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ، وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُمۡ لَیَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قل أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ، لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ} فجاء مخشن الى النبي وجلس بين يديه وهو خجل مطرقاً رأسه الى الارض مشرقاّ وقد تاب الى الله توبة صادقة ويقول: بأبي وامي انت يا رسول الله، والله ما قلت إلا خيراّ، فنظر إليه نظرة رضا وهو مبتسماً وقال: (لقد انزل الله قرآن وانت ممن عفى عنك)، فقال مخشن: يا رسول الله، لعله قعد بي اسمي واسم أبي فأنا مخشن بن حمير وإن لكل مسمى من اسمه نصيب، فقال النبي مبتسما: (لا عليك فأنت بعد اليوم عبدالرحمن)، فسأل الله تعالى أن يقتل شهيدا ولا يعلم الناس بمكانه، فقتل يوم اليمامة، فلم يجد له الناس أثر فلقد صدق الله في توبته.

🌾
🍎
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *