وفد نجران وآيات المباهلة

استمر جدالهم الى ان طلب النبي الابتهال الى الله، فقالوا: نعم نباهلك ولكن متى؟ فقال النبي: (غداً إذا ارتفعت الشمس)، قال تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}، فغاب عنهم النبي صلى الله عليه وسلم بقية اليوم وتلك الليلة ولم يكلمهم، وخرج اليهم في اليوم الثاني عند شروق الشمس، وعلى يمينه علي وعلى شماله للوراء قليلا فاطمة وابناءها يجريان بين يديه، وأقبل على القوم، فنظر كبيرهم العاقب لصاحبيه وقال: ويلٌ لكم أتباهلون محمداً؟ وقد خرج إليكم بهذه الوجوه، والذي بعث موسى وعيسى، لقد خرج إليكم محمد بوجوه لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال الرواسي لأزالها، ألا ترون نورهم يسعى بين أيديهم، كفو عن مباهلته، ثم دخلوا للخيمة وقالوا لقومهم: وربِ موسى وعيسى، لو باهلتم محمد اليوم ودعى عليكم بمن معه، فلن يبقى لكم مالٌ ولا ولد، ثم خرج ثلاثتهم الى النبي وقالوا: لا يا محمد معذرة، إن الذي تعجل إليك بالأمر، وقال نعم نباهل، هم عامتنا وأمرهم إلينا فنحن رجال الدين فيهم فنحن لا نريد مباهلتك، ولكن نريدك أن تحكم فينا دون أن ندخل بالاسلام، فبأي شي تحكم فأمرك مطاع، فقال النبي: (أعرض عليكم واحدة من ثلاث إما الاسلام وإما ان تعطوا الجزية كما نص القرآن، وإما الحرب بيننا وبينكم)، فقالوا: نعطيك الجزية ونرجع الى قومنا على ديننا، ولكن ابعث معنا رجل من اصحابك يكون أمين حق أمين يستوفي منا الجزية، ويقضي فينا فيما يقع بيننا من شجار فقال النبي: (أجل سأبعث معكم رجل أمين حق امين)، قال الصحابة: فوالله ما منا احد إلا واستشرف لها فقال: (قم يا ابا عبيدة)، فوقف ابو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه، فقال النبي: (هذا أمين هذه الأمة، أمضي معهم يا ابا عبيدة فأقضي في ما بينهم وأستلم منهم جزيتهم في كل عام)، ثم أمر أن يكتب له كتاب آمان، وكانت الجزية أن يدفعوا للمسلمين ألف حلة في شهر صفر، وألف حلة في شهر رجب ومعها ثلاثة آلاف قطعة من سلاح ما بين درع وسيف ولوازم السلاح، وشيء من ذهب، كُتب ذلك في كتاب بالتفصيل، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم ان يكتب في آخر الكلام هذه ذمة الله، وذمة محمد رسول الله لنصارى نجران، وذمي: يعني صاحب عهد وذمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز لمسلم ان يعتدي عليه، هذه حصانة دينية من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

🌾
🍑
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *