بعد خروج النبي من المدينة، أرسل رأس المنافقين عبدالله بن أبي ابن سلول إليهم يخبرهم بأن محمدا سائر إليكم، فخذوا حذركم، فلما وصل الخبر قالوا بستهزاء: محمد يغزونا؟ هيهات هيهات ولكنهم اخذوا يستعدون وأرسلوا الى سيد غطفان، يا عيينة نعطيك نصف ثمار خيبر، في سبيل ان تقف معنا في قتال المسلمين فوافق الأحمق المطاع وأعد جيشا قوامه أربعة آلاف مقاتل،
وعلم النبي بخبرهم، فقرر ان يرسل على الفور سرية الى غطفان حتى يظنوا ان النبي سيغزو ديارهم وليس خيبر، وأمرها أن تظهر أمرها، وتحدث صوتا عاليا حتى تلفت اليها الأنظار، وعندما سمع جيش غطفان الصوت، انزل الله الرعب في قلوبهم، وعادوا مسرعين إلى ديارهم، قرر النبي ان ينزل بجيش المسلمين في شمال خيبر، حتى يحول بين خيبر وبين غطفان، إن فكرت العودة لحرب المسلمين وسار لخيبر على بركة الله،
فقال النبي: (يا ابن الاكوع اسمعنا من هيناتك وحرك بنا الركب) فسار عامر امام الركب يردد بصوته الجميل ويرتجز الشعر ‘اللهم لولا أنت ما اهتدينا // ولا تصدقنا ولا صلينا’ الى آخر الابيات فقال له النبي: (يرحمك الله)، فقطعوا الطريق الذي يحتاج خمس ليالي في ثلاث ليالي، وسار الجيش بروح ايمانية عالية جدا، مع علمهم بالصعوبة الشديدة للمعركة، فكانوا يكبرون ويهللون ويدعون الله تعالى بأصوات مرتفعة الله أكبر، لا إله إلا الله، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (اربؤوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إنكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم)
وكان عبدالله بن قيس رضي الله عنه يسير خلف دابة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يردد لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فقال له النبي: (يا عبدالله بن قيس، ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة؟) فقال: بلى يا رسول الله فداك أبي وأمي، قال: (لا حول ولا قوة إلا بالله)،
فلما اشرف على خيبر قام النبي وصلى بأصحابه المغرب والعشاء جمع تقديم بعيدا عن حصونهم، حتى لايروه حتى اذا دخلت العتمة تقدم بجيشه بهدوء الى حصونهم وأمر المسلمون ان يصلوا الفجر مغلسين
وكان اليهود اذا اقبل الليل دخلوا حصونهم واغلقوا ابوابهم، وفي الصباح يفتحون ابواب حصونهم ويخرجون للعمل، صلى بهم الفجر وبدأ خروج اليهود من الحصن الى مزارعهم وهم يحملون أدوات الزراعة،
فلما رآهم النبي قال لأصحابه: (قفوا)، ثم قال: (اللهم رب السموات وما أظللن، ورب الأرضين وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما أذرين، فإنا نسألك من خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها، اقدموا بسم الله)، فتفاجأ اليهود فصاحوا في فزع: محمد والخميس، واخذوا يهربون الى حصونهم، وصاح بهم النبي، وسمعها كل اليهود: (الله أكبر، الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم، فساء صباح المُنذرين)