الصلاة على النبي ثم دفنه

صنعوا كما أمر صلى الله عليه وسلم، فوضع على سريره في حجرته وأخلو الحجرة تماماً حتى مضى شيءٌ من الوقت، فصلوا الظهر والنبي صلى الله عليه وسلم في حجرته، ثم شهد الجميع أن ريح المسك يخرج من حجرته صلى الله عليه وسلم فعلموا أن صلاة الملائكة قد انتهت. فدخل آل بيته يصلون عليه، وصلوا لا يؤمهم أحد، ودخل ازواجه ونساء اهل بيته فصلوا عليه، حتى إذا فرغ أهل بيته، قام شيوخ المهاجرين ابو بكر وعمر وعثمان وابو عبيدة وعدد منهم فدخلوا وهم يظنون أن أبا بكر سيأومهم بالصلاة عليه فوقف ابو بكر وقال: بأبي وامي انت يا رسول الله، أنت إمامنا حياً وميتاً لا والذي بعثك بالحق لا يؤم أحد بالصلاة عليك فأخذوا يصلون فرادا، كلٌ يصلي ويدعو ويخرج، ويدخل عليه غيرهم حتى صلى عليه المسلمون جميعاً، فأستغرق هذا حتى صلاة العشاء، فلما هموا بحفر القبر، وقفوا وقالوا: أنلحد لرسول الله أم نشق له شقاً؟ فقال العباس: نرسل الى من يشق والى من يلحد فأيهما حضر يكون له الأمر ثم بسط كفيه للسماء وقال: اللهم أختر لنبيك، وكان الذي يحفر ويشقه شقاً أبو ايوب الانصاري والذي يلحد لحداً ابو طلحة الأنصاري، فحضر ابو طلحة قبل ابي ايوب فقالوا: إذن ندفن رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريقة أهل المدينة فنلحد له لحداً، ثم قفز بالقبر علي بن ابي طالب والفضل بن عباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسامة بن زيد، ولما أنزل صلى الله عليه وسلم في قبره تذكر شقران قطيفة فهب من القبر مسرعاً واخذها من الحجرة وقال بأعلى صوته: لا والذي بعثك وقبضك إليه، لا يصلي عليها أحدٌ بعدك أبداً، ولا يرتديها أحدٌ بعدك ابداً، ثم وضعها على أرض القبر ووضع النبي صلى الله عليه وسلم في قبره عليها، ثم قال أنس: انتظروا لقد وقع مني خاتمي

فقالوا له: أهذا وقت مثل هذا؟ ونزل أنس وقد رمى خاتمه قاصداً حتى ينزل الى قبر النبي مرة أخرى، ثم أخذوا يهيلون التراب، فسمعت ابنته فاطمة أصوات المساحين، فطلعت عليهم فاطمة واخذت التراب ولامسته وجهها تشمه ورفعت صوتها: وا أبتاه يا أبتاه يا أبتاه أجاب رباً دعاه، وا أبتاه إلى جبريل ننعاه! وا أبتاه في جنة الفردوس مأواه، ثم قالت وقد علا صوتها وبكائها:

يااا أصحاب النبي، أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على وجه رسول الله بأيدكم؟

فتوقفوا عن الدفن وجهشوا وضجوا بالبكاء فقال لها العباس: يا بضعة رسول الله نشدتك الله والرحم، نشدتك الله والرحم، إلا ما تركتنا حتى نفرغ من دفن رسول الله، فقام علي وأمسكها حتى أدخلها حجرتها رضي الله عنها وارضاها، قال انس: ما إن نفضنا أيدينا من تراب دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تغيرت منا القلوب، والذي بعثه بالحق حين دخل المدينة يوم هجرته أضاء منها كل شيء، ولما وارينه قبره أظلم منها كل شيء فسنموا القبر ورشوه بالماء. أي جعلوه كسنام الجمل، وحان وقت أول صلاة فأذن بلال رضي الله عنه، فلما جاء عند قوله: أشهد أن محمداً رسول الله بكى بلال رضي الله عنه ولم يستطع أن يكمل الأذان فبكى الناس، وضجت المدينة بالبكاء.

اللهم صل وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

🌾
🍎
🌾

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *