قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (لا تحملوا عليهم حتى امركم، فإن أكتنفوكم فانضحوهم النبل فان الخيل لا تُقبل على النبل، ولا تسل السيوف حتى امركم)، ثم دخل على العريش يدعو ويناجي ربه، قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ، وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}
بدأت المعركة: فخرج من قريش أحد فرسانهم المشهورين الأسود بن عبد الأسد، فصرخ: أعاهد الله لأشربن من حوضهم، أو لأهدمنه، أو لأموتن دونه فأنطلق الى اتجاه حوض المسلمين، فتصدى له حمزة اسد الله ورسوله وتبارزا، وضربهُ حمزة ضربة اطارت ساقه قبل ان يصل للحوض فوقع على ظهره، فأخذ يزحف للحوض، فضربه حمزة ضربة قضت عليه، قبل أن يصل،
واقبل نفر من قريش حتى وصلوا للحوض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (دعوهم) فشربوا منه، وكان من بينهم حكيم بن حزام، وكل الذين شربوا من الحوض قتلوا إلا حكيم بن حزام ثم أسلم بعد ذلك، وحسن إسلامه ، فكان إذا أراد ان يحلف يمين يقول لا والذي نجاني يوم بدر.
خرج عتبة بن ربيعة وأخوه شيبة وابنه الوليد بن عتبة ومن أبطال قريش، فلما توسطوا بين الجيشين طلبوا المبارزة، فخرج إليهم ثلاثة من الأنصار، عوف بن الحارث وأخوه معوذ وعبد الله بن رواحة، وكان عوف ومعوذ صغيرين بالسن، ولكن كانا وعبد الله بن رواحة من أشد الصحابة حماسة للقتال، وحبا للشهادة فقالوا لهم: من أنتم قالوا: رهط من الأنصار فقالوا: كفءٌ كرام ولكن ما لنا بكم حاجة، يا محمد أخرج لنا أكفاءنا من بني عمنا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: قم يا حمزة قم يا علي قم يا عبيدة بن الحارث(عمه وابني اعمامه)
فقاموا واصطف الفريقان فقال حمزة: اقرب الناس، لرسول الله فهل نحن اكفائكم؟ قال عتبة: أجل اكفاء كرام، فبارز حمزة شيبة، وبارز علي الوليد، وبارز عبيدة عتبة، حمزة وعلي لم يمهلا خصميهما طرفة عين، فما هي الا رفعة سيف ونزلة، حتى اطاح كل واحد بخصمه، فضجت ساحة المعركة بالتكبير، اما عبيدة فجرح كل واحد صاحبه، فحمل حمزة على خصم عبيدة فأجهز عليه وقتله، فرفعت معنويات المسلمين، وأحبطت المشركين وحملوا قتلاهم.