بعد عجز قريش عن الصد، عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم التفاوض، فذهب ابو الوليد الى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: بلغة التودد يا إبن أخي إنك منا حيث علمت حسباً ونسباً، وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم، فرّقت به جماعتهم، وسفهت أحلامهم، وعبت آلهتهم ودينهم، وكفّرت من مضى من آبائهم، فاسمع مني يا محمد أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل مني بعضها، يا إبن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً، جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت تريد به شرفاً، سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً، ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئياً تراه لا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه. فقال له صلى الله عليه وسلم: (فرغت يا أبا الوليد؟فاسمع مني، بسم الله الرحمن الرحيم {حم، تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} إلى قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ﴾ فهب عتبة من مكانه فزعاً، وجلس على ركبيته ووضع كفه على فم النبي وقال: أنشدك الله والرحم يا محمد إلا كففت، ثم قال:هذا آخر ما عندك يا محمد؟ قال: (نعم لقد استمعت إليك يا أبا الوليد وأنت هاقد استمعت لي فأنظر ماذا ترى؟) فقام ورجع لهم، قالوا: لقد رجع أبا الوليد بغير الوجه الذي قد ذهب به، قال: يا قوم والله لقد سمعت كلاماً ما هو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا هو بالسحر، وإني سمعت منه لنبأً عظيماً. يا قوم اجعلوها لي، أتركوا الرجل بينه وبين سائر العرب، فإن ظهر فعزه عزكم، وإن أصابته العرب أصيب بغيركم، أتركوا الرجل وإعتزلوه، قالوا: لقد سحرك محمد يا أبا الوليد قال لهم: ها قد قلت لكم رأيي وقد حذركم محمد وأنتم كلكم تعلمون صدقه وأمانته، فقد أنذركم محمد صاعقة كصاعقة عاد وثمود، فتفرق القوم،