فلما أراد أن يقوم فما أستطاع صلى الله عليه وسلم أن يقف على قدميه فجاء علي والعباس فاتكأ عليهما، وخرجا به من حجرة امنا ميمونه الى حجرة امنا عائشة، ورجلاه تخطان الأرض، وأصبح يخرج للصلاة متكأً على الفضل بن عباس وعلي، وعندما أصبح لا يقوى على الخروج الى المسجد من شدة الحرارة التي يوعك بها، قال لأزواجه: (أفيضوا عليَّ من سبع قرب من ماء بئر، لعلي أستطيع أن أخرج إلى الناس)، ففعلن فلما خفت الحرارة قام ليلبس ثيابه ويخرج فما أستطاع فأغمي عليه، وتلقته أيدي أمهات المؤمنين حتى لا يسقط الى الارض فلما افاق قال: (أصلى الناس؟)، قلن: لا هم في انتظارك يا رسول الله، فقال: (أعيدوا علي الماء)، فأجلس في المخضب وسكب الماء حتى خفت الحرارة، فقام ليلبس ثيابه فلما أخذ في لبسها أغمي عليه ثانية من شدة الحرارة، فلما أفاق قال: (أصلى الناس؟)، قلن: لا هم في انتظارك يا رسول الله، فقال: (مُرُوا أبا بكرٍ فليصلِ في الناس فإني لا أقوى على الخروج)، فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف، إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء فقال: (مُرُوا أبا بكر فليصلِ بالناس)، ولكن امنا عائشة قالت لحفصة: قولي لرجل فليصلي عمر في الناس، فقالت حفصة لرجل في المسجد: قل لعمر فليصلي في الناس، فنظر الرجل في عمر وقال: قم يا عمر فصلي في الناس، فلما وقف عمر في المحراب وكبر وكان جهوري الصوت سمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال وهو في فراشه: (لا ، لا ، لا يرضى الله والمؤمنون إلا أبا بكر، لا يرضى الله والمؤمنون إلا أبا بكر)، فلما أتم عمر نظر للرجل وقال: يغفر الله لك لِمَ أمرتني بذلك؟ قال: هكذا أمرتني حفصة، فلما روجعت ازواج النبي بذلك قالت عائشة: خشيت أن يتشائم الناس لمن يصلي في محراب النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر في وجه عائشة، وقال: (يا صويحبات يوسف يأبى الله ورسوله إلا ابا بكر)، فأصبح ابو بكر يصلي بالناس، ويثقل المرض ويشتد على النبي حتى كان يوم الخميس الثامن من ربيع الأول، ورأى الصحابة حال رسول الله صلى الله عليه وسلم فشق ذلك عليهم، وأصبحوا في قلقل وخافوا عليه خوفاً شديداً، وأخذ الانصار يبكون فلما علم بذلك صلى الله عليه وسلم، وكانت صلاة الظهر تقدم أبو بكر ليصلي بالناس، فقال النبي لعلي والفضل بن عباس وكانا يصليان أمام باب الحجرة قال لهما: (خذا بي الى المحراب)، فاتكأ عليهما ولم تلامس قدماه الأرض وهو معصوب الرأس من شدة الحرارة فلما رأه ابو بكر همَّ أن يرجع من الصف ليدع الإمامة للنبي صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه أن مكانك وجلس على يمين ابي بكر وصلى الظهر بصلاة ابي بكر.