خرج بهم يوم السبت قبل أذان العصر بقليل، فصلى بهم العصر بذي الحليفة ركعتين قصراً، وأمر ان تنصب الخيام ويبيت الناس في ذلك المكان يبعد عن المدينة ستة أميال، ليعلم ما لا يعلمه غيره وذلك بفضل ما علمه الله { وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ ۚ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}، فصلى بهم المغرب ثلاث ركعات وصلى العشاء ركعتين، وجاء المخاض أسماء بنت عميس زوجة ابي بكر، ومع ذلك لم تمتنع من الخروج مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحجة، وما هي إلا لحظات حتى جاء الخبر الى ابي بكر لقد ولدت لك ذكراً فسماه محمد، قال ابو بكر: يا رسول الله لقد جاء المخاض لاسماء وولدت، ماذا تصنع اسماء الآن يا رسول الله؟ فقال النبي: (تغتسل ثم تستذفر بثوبٍ سميك وتحرم معنا وتفعل كل ما يفعله الحاج إلا أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر)، وحدث مع السيدة عائشة في الطريق بعد ذلك، دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم خيمتها فوجدها تبكي قال: (ما بكِ أنفستي؟)، قالت: أجل يا رسول الله، قال: (وما عليكِ؟ أصنعي كل ما يصنع الحاج، غير أنك لا تطوفين بالبيت)، فبات بهم تلك الليلة ثم صلى بهم الفجر ركعتين، ثم أذنَّ لمن لم يغتسل من الناس، أن يغتسل ويستعد فأغتسلوا واسقطوا شعورهم ولبسوا احرامهم، فكانت هي السنة وبقي الاستعداد والاغتسال في آبار علي عذراً لمن لم يتمكن من ان يغتسل في بيته او المكان الذي هو فيه، فأستعد الناس فأمرهم بصلاة ركعتين منفرده سنة الدخول في الإحرام، وكان عمه العباس رضي الله عنه جهوري الصوت ورجل اخر من الانصار يقفون ويبلغون الناس عنه ما يسمعون، فصلى ركعتين في مكانه وشرع بنيته وهو جالس فقال: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، قالها صلى الله عليه وسلم في مصلاه وهذه هي النية.