كان أسامة ابن زيد يقود خضام الناقته، فقال له النبي: (ألتقط لنا سبع حصيات ولا تغالي فيهن مثل الخزف) ثم اخذها بكفه صلى الله عليه وسلم وهو يقلبها ويقول: (مثل هذه، لا تغالوا فيهن، إنما أهلكَّ من قبلكم الغلو في الدين)، ثم توجه النبي إلى الجمرة الكبرى، ورماها بسبع حصيات يقول مع كل حصاة: (الله أكبر)، ثم استقبل البيت ودعى الله ما شاء الله له ان يدعو، ثم توجه الى المنحر ومنى كلها منحر، فقال النبي لسهيل بن عمر: (يا سهيل قدمها واحدة واحدة، لا تجعل واحدة ترى منحر أختها)، ثم قال: (من كان له بدنة ينحرها فليسقها الماء قبل أن ينحرها وليحد خنجره بعيداً عن عينها ثم اضجعها برفق)، واخذ سهيل يقدمها واحدة واحدة معقولة من قائمها الايسر، ثم يضرب النبي بالحربة في منحرها وهو يقول: (بسم الله، الله اكبر)، حتى نحر ثلاثة وستين بدنا ثم قال: (يا علي خذ فأتمم المئة)، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ من كل ناقة بضعة بضعة، فطبخت في قدرٍ كبير فشرب من مرقها وأكل من لحمها. قالوا: فجاء ابو بكر وعد ما نحر النبي صلى الله عليه وسلم بيده فوجدها ثلاثة وستين، فبكى حتى ارتفع نجيشه فقالوا: ما يبكيك يا ابا بكر؟ قال: لقد نحر النبي على عدد سنين عمره، فلن يعيش صلى الله عليه وسلم بعد موسم هذا الحج إلا أياماّ.
***
إذن القضية هي طاعة الله فيما أمر، فهو الذي أمرنا ان نرمي الجمرات كل جمرة سبع حصيات، إذن طاعة الله اختبار، ورمز معنوي أسوة بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
*وعندما بكى ابو بكر وقال: لقد نحر صلى الله عليه وسلم على عدد سنين عمره، فلن يعيش بعد موسم هذا الحج إلا أياماّ، فهي فقه وفراسة المؤمن وليس علم للغيب.