بعد أن أُحكم الحصار، يأتي جبريل ويقول للنبي: اخرج الآن، وخذ حفنةً من تراب وإقرأ عليها صدر ياسين {بسم الله الرحمن الرحيم، يس، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ، لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ، وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} ثم اخرج وذر التراب على رؤوسهم فإنه لن يراك أحد.
وقبل أن يخرج قال لعلي رضي الله عنه: (يا علي أنظر فإنهم يحيطون بالدار، وينظرون من خلل الباب فعليك أن تشغلهم عني ساعة، فعليك أن تنام بفراشي هذا يا علي، وأن تتغطى ببردي الأخضر هذا، حتى إذا كان الفجر علموا أنك علي. ثم ترد الودائع للناس وتلحق بي إلى يثرب).
لما أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم التراب بيده، وأراد أن يخرج،
تكلم ابو جهل، يريد ان يسلي فتيان قريش، لكي لا يملوا ويناموا: يزعم محمد هذا، أنه إن آمنتم به وصدقتموه، بعثتم بعد موتكم، ولكم جنان كجنان الأردن والشام، وإن لم تؤمنوا به ولم تصدقوه، بعثتم بعد موتكم وكانت لكم نار تلظى تحرقون بها، فضحكوا.
سمع النبي قوله. فقال بأعلى صوته: (نعم أنا أقول هذا، وأنت واحد منهم يا أبا جهل) ثم خرج ووضع التراب على رؤوسهم واحدا واحدا فما ترك منهم فتى إلا ووضع التراب على رأسه.
[ليعلم الناس كلهم كمال الإيمان وحسن التوكل على الله، وأن القرآن هو دستور حياة يُعمل به. فيه آيات يعرف كيف يواجه أعدائه بها، وحل لمشاكله.]