قالت حليمة: كانت ارضنا عجفاء، والاغنام هزيله وليس فيها لبن، فلما قدمنا بمحمد، أصبحت تعود من مرعاها وقد امتلأ ضرعها باللبن، ونرى الخضرة على افواهها، فيصرخ أصحاب الاغنام برعاتهم، ويحكم اسرحوا حيث تسرح أغنام حليمه، الا ترونها ترجع وقد شبعت والخضرة في افواهها،فيقول الرعاة والله انا لنسرح معا، ولكن نرى أغنام حليمه لا ترفع رؤوسها وهي تاكل وتمضغ، وليس في الأرض نبته، قالت حليمه: كنا نحلبها ولا نترك أهلنا وفاض الخير على كل الديار، واصبحوا يتفاءلون بمحمد، يأخذوه ليضع يده على مريضهم حتى على دوابهم، فيبرؤا بإذن الله. قالت حليمة: وأخذ محمد يشب في يوم ما يشب غيره في شهر حتى إذا بلغ عمره عاما وكأن عمره عامين، فلما رأينا هذا الخير والبركة وعند بلوغه عامين رغبت أن يبقى عندي عامين وكنت قد وعدت أمه آمنة أن نرجعه بعد عامين، فعزمت أن ارجعه، وفي نيتي أن استأذن امه في عامين اخريين، فرجعنا به إلى مكة،فلما رأته امه وجده وكأنه غلام جعفر، سروا بحسن التربية ونموه السريع.