توفي زوجها الصحابي خنيس السهمي، وأنتظر عمر حتى أنقضت عدتها،
فجاء إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، فجلس إليه وتحدث معه، وعرضها عليه فلم يرد عليه بشيء، فغضب
وجاء إلى أبي بكر فحدثه بما كان، وعرضها عليه، وكذلك لم يرد عليه، فكاد عمر أن يفقد صوابه، وطال اِنتظاره وأبوبكر صامت مطرق رأسه يتصبب عرقاً، فقام عمر وقد زاد غضبه وزادت الحيرة بردة فعلهما.
فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في شدة الغضب، فجلس إلى النبي، فقال النبي: (ما بك يا عمر؟) قال: يا رسول الله، جئت أشكو إليك صاحبيك الصديق وابن عفان، فقال: (بما تشكوهما؟)، فضحك النبي في وجه عمر وربت على كتفه وقال: (يا عمر لعل الله أن يزوج ابنتك حفص من هو خير من عثمان وأبي بكر، ولعل الله أن يزوج عثمان من هي خير من حفص)،
وقال: رضيت يا رسول الله، ونسأل الله أن يختار لنا الخير،
فقام من عند النبي ورجع إلى أبي بكر، فقال: يا أبا بكر، ذهبت أشكوكما إلى رسول الله، فذكرت ما كان، فهش لي وقال: (يا عمر لعل الله أن يزوج ابنتك حفص من هو خير من عثمان وأبي بكر)، فرفع رأسه ابو بكر مشرقاً متهللاً مبتسماً وقال: وقد قال لك رسول الله ذلك؟ قال: أجل، قال: هنيئاً لك يا عمر، ومبارك عليك مصاهرة رسول الله، فمن ترى يا عمر خير من أبي بكر وعثمان غير رسول الله؟ قال: فهمت هذا، ولكني لم أطمئن حتى آتي إليك.
فقال: والآن اقول لك لِما لم أرد عليك بشيء، فإني كنت عند رسول الله يوماً، فسمعته يذكر حفصة وهي ما زالت في عدتها، فعلمت أنه يريدها، ويريد أن يكرمك يا عمر بمصاهرته، كما أكرمني من قبل، فعندما جئتني، لم أكن لأفشي سر رسول الله، فما أستطعت أن أرد عليك بشيء، قال: وعثمان؟ قال: ولعل عثمان سمع ما سمعت، فما أحب أن يفشي سر رسول الله،
فرجع إلى عثمان، فجلس عمر وقال: يا عثمان لم ترد علي بشيء حينما ذكرت لك حفص، قال: وأين ذهبت؟ قال عمر: ذهبت وشكوتك لرسول الله قال: فماذا قال لك رسول الله؟ قال: قال لعل الله أن يزوج عثمان من هي خير من حفصة ويزوج حفص من هو خير من عثمان، فوثب عثمان قائماً فرحاً مسروراً، وقال: لهذا خير يومٍ مر علي، منذ أن أعتنقت الإسلام، أقالها رسول الله يا عمر؟ قال: نعم، قال: يا عمر ما كنت لأفشي سر رسول الله، إني سمعته يوماً يذكر حفص ولكنه لم يعلن فعندما كلمتني، ما كنت لأفشي سر رسول الله، ولكنك زدتني واحدة، أقال رسول الله يزوج عثمان من هي خير من حفص؟ قال: نعم، فقال: وهذه بشرى أخرى فإن رسول الله مصاهري مرة أخرى،
فما راعنا إلا ورسول الله يطرق الباب، فجاء النبي وجلس ووجد عمر عند عثمان فقال له النبي: (يا عمر أتزوج محمد رسول الله من ابنتك حفصة؟) فقال عمر: يا رسول الله لقد أكرمتني اِكراماً، ما كنت لأحلم به قط فحفص لرسول الله، فقال النبي: (يا عمر أمهرتها اربعمئة درهم كعائشة وكسودة من قبل).