جاء اليوم الذي طلقها زيد، وانقضت ايام عدتها، فنزل قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولا}.
هذا عاتب من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، لخشيته من كلام المنافقين، في شيء قد أباحه الله له، فتزوج النبي من السيدة زينب، فكانت تفتخر على زوجات النبي، أن الله زوجني من فوق سبع سماوات، بقرآن يتلى الى قيام الساعة، فأنا أكرمكنَّ ولياً وسفيرا،
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحبها، تقول امنا عائشة: كانت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت رضي الله عنها صوامة قوامة، وتقول: ما رأيت امرأة خيراً في الدين من زينب، أتقى لله، وأصدق حديثا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة رضي الله عنها وكانت تصنع أشياء بيدها، ثم تبيع هذه الأشياء، لتتصدق بثمنها،
وقد قال الرسول لزوجاته أمهات المؤمنين وهو في مرض الموت: (أولكن لحاقاً بي أطولكنَّ يداً) فلما مات النبي كانت زوجات النبي، يقسن من هي اطول الزوجات يدا ليعرفن من هي أولهم لحوقا بالنبي صلى الله عليه وسلم
فكن يعتقدن أن أمنا سودة هي أطولهن يداً وأنها هي أول من يموت بعد النبي فكانت السيدة زينب بنت جحش هي أول من مات، فعلمن أن (أطولكن يدًا) كان من حبها للصدقة، في عهد عمر بن الخطاب رتب لزوجات النبي راتب سنويا كبيرا. فلم يحل الحول على أموالها لانها تتصدق بكل هذا المال، وعندما جائت غنائم كثيرة أرسل لها عمر بن الخطاب مئة ألف درهم
فوضعت عليه قطعة قماش، وأخذت تأخذ منه وتضعه في صرر وتقول لمن معها: اذهبي بهذا الى بيت فلان ، حتى أنفقته كله، ثم قالت الحمد لله لا أبيت وكل هذا المال في بيتي، وماتت في سنة عشرين هجرية، ودفنت بالبقيع وصلى عليها عمر وخرج في جنازتها كل أمهات المؤمنين.