بعد اشهر من اسلام ثمامة، شاع الخبر بين العرب كيف أحسن النبي إليه، جاء رجال من عُكَل وعُرَينة واعلنوا اسلامهم وبايعوه على السمع والطاعة، فلما نظر فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وجدهم مصفرة وجوههم، ضعاف نحال، لا يناسبهم جو المدينة فأمر أن يلحقوا بأبل الصدقة وأمرهم ان يشربوا من ألبان تلك الإبل وان يغتسلوا من بولها،
فلما تعافوا وقويت اجسادهم، أعتدوا على راعي الابل ومثلوا به، فسملوا عينيه بشوك طويل، ومثلوا به مثلة قبيحة قطعوا يده ورجله وقلعوا عينيه، وغرزوا الشوك في لسانه ثم ألقوه في الحرة، وهو مثقل بالجراح حتى مات، واخذوا إبل الصدقة كلها وارتدوا عن الاسلام وهربوا،
فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أرسل خلفهم كرز بن جابر الفهري رامياً لا يُخطأ، وعداء لا يُسبق، وارسل معه عشرين من الصحابة، وأمرهم أن يلحقوا بهم، وأن يردوهم الى المدينة احياء، فأدركوهم في الطريق، وأحاطوا بهم وأسروهم وربطوهم وأردفوهم على الخيل حتى قدموا بهم المدينة، أمر النبي أن تسمل أعينهم كما سملوا عين الراعي، وأن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وان يلقوا في الحرة، واخذوا يطلبون الماء من شدة العطش،
فأمر النبي ان لا يسقوا حتى يموتوا، فماتوا عطاشا، فأنزل الله على نبيه مؤيداً لفعله {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }، فلم يسمل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عينا، إما قتل او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض كل مفسد حسب جرمه فعلم العرب حول المدينة، أن عند محمد رسول الله، الكرم والرحمة في موضعه، والشدة والبطش في موضعه وان محمد صلى الله عليه وسلم ، لا يعامل الناس كلهم بمعاملة واحدة، فكل إنسان يعامل حسب فعله