قرر النبي دخول مكة بأربعة كتائب وجعل على ثلاثة من أبناء قريش لتأليفهم، والرابعة من الانصار تدخلها من اربعة جهات في نفس الوقت، الأولى خالد بن الوليد يدخل من أسفل مكة، والزبير بن العوام على الثانية يدخل من أعلى مكة مع النبي، والثالثة أبو عبيد بن الجراح يدخل من جهة أخرى من أعلى مكة، والرابعة سعد بن عبادة يدخل من غرب مكة، ليستفيد من التفوق العددي، كانت ضربة قاضية لجيش قريش، فعجز عن التجمع للمقاومة، وقد أمرهم أن لا يقاتلوا احداً إلا إذا قاتلكم، فتذكر النبي ما قال لعثمان بن أبي طلحة عندما جاء ليدخل الكعبة على عادة قومه، فوضع عثمان يديه على الباب وصده عن الدخول، فقال النبي له: (ما بك يا عثمان؟) قال: انت رجل فارقت دين قومك فعلام تدخل كعبتهم، فقال له: (يا عثمان كيف ترى إذا كان هذا المفتاح يوماً في يدي أضعه أنا حيث أشاء)، فقال بأستهزاء واستخفاف لاستحالة صعود الخيل جبل الحجون: إذن ذلك يوم طلعت فيه الخيل من الحجون وذُلة يومها قريش، وقالها يوما العباس لابي سفيان: ألا تعلم أن محمداً صادقاً قال: نعم لم نجرب عليه كذباً قط قال: ألا ترى أن اصحابه يزيدون ولا ينقصون قال: نعم قال: ألا ترى انه دين حق، فما عليك لو اتبعناه فقال: انا اتبع محمداً؟ يتيم ابا طالب، راعي الغنم في قريش، نعم يا ابا الفضل اتبعه إذا رأيت نواصي الخيل تطلع علينا من الحجون، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يدخل بالخيل من الحجون ليحقق لهم المستحيل، وسمع بعض الصحابة سعد بن عبادة يقول: اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة، فوصلت للنبي فقال الصحابة: يا رسول الله، والله لا نأمن سعدا ان تكون منه في قريش صولة، فأمر النبي بعزل سعد عن القيادة وجعل مكانه ابنه قيس فلم يتأثر سعد ولا الانصار، ودخلوا من الجهات الاربعة بلا اي مقاومة، إلا كتيبة خالد بن الوليد حيث تجمع بعض رجال قريش بقيادة عكرمة بن ابي جهل وصفوان عند جبل الخندمة، وكان فيهم جماش بن قيس، قالت له زوجته كانت مسلمة بالسر: لمن تعد هذا السلاح؟ قال: بلغني أن محمداً يريد أن يفتح مكة، قالت: أبعد ما صنع بخيبر، يقوم له احد دع عنك هذا، قال: فلئن كان لأخدمنك خادما من بعض من أستأسره، فقالت: والله لكأني بك وقد رجعت تطلب مخبأ أخبئك فيه، فلما تصدوا لقوات خالد بالسهام، أصدر خالد بن الوليد أوامره بالإنقضاض عليهم، وما هي الا لحظات حتى تشتتوا وفروا، فهرب جماش واخذ يجري الى منزله فدخل مرعوباً وقال: اغلقي الباب، أما سمعتي ابو سفيان يقول من دخل داره واغلق بابه فهو آمن، فقالت وهي تضحك: فأين الخادم؟ فقال شعرا:(وأنتِ لو أبصرتنا بالخندمة // إذ فرّ صفوان وفرّ عكرمة
واستقبلتنا بالسيوف المسلمة // يقطعن كل ساعد وجمجمة
ضربا فلا تسمع إلا غمغمة // لم تنطقي في اللوم أدنى كلمة)، فضحكت منه وسخرت واغلقت الباب عليه كي يكون في أمان.