كان أبو سفيان جالسا يحدث نفسه، بان يجمع للرسول بعض القبائل لحربه، وكانت أحد القبائل الكبيرة لا تزال في عداء مع النبي وهي هوازن، فبينما هو كذلك فوجىء بأن النبي خلفه يضرب على ظهره، وقال: (إذن يخزيك الله)، فرفع أبو سفيان رأسه، فقال: أشهد أنك رسول الله. وأراد فضالة بن عمير قتل النبي، وكان شديد الكراهية للنبي، أظهر الإسلام، ثم حمل سيفه واخفاه بين ملابسه، وكان النبي يطوف بالبيت، فأخذ يدنو منه فلما اقترب، قال له النبي: (أفضالة؟)، قال: نعم، فضالة يا رسول الله، فقال له: (ماذا كنت تحدث به نفسك؟)، فقال: لا شيء، كنت أذكر الله، فتبسم النبي وقال: (استغفر الله يا فضالة)،ثم وضع يده على صدر فضالة، وقال: (استغفر الله يا فضالة)، فسكن قلب فضالة، قال: فوالذي بعثه بالحق نبيا، ما رفع يده عن صدري حتى ما من خلق الله شيء أحب إليَّ منه صلى الله عليه وسلم. وأقام النبي في مكة تسعة عشر يوما، وخلالها حطم الأصنام وامر باخراج حجارتها خارج الحرم، وأرسل عددا من السرايا لتحطيم الأصنام في المناطق المحيطة بمكة، وذلك لتطهير الجزيرة من رموز الشرك والوثنية، وكانت هذه السرايا اشارة لمرحلة جديدة من التوحيد الإعتقادي والعملي. فأرسل سعد بن زيد الأشهلي ومعه عشرين فارسا في الرابع والعشرين من رمضان لهدم صنم مناة كانت بالمُشلل على ساحل البحر الأحمر، فقال له سادن الصنم: ماذا تريد؟ قال: هدم مناة، فلما اقترب منها صاح السادن: مناة دونك بعض عصاتك، لاعتقاده ستصيبه لعنة الآلهة، فتقدم وهدمه. وأرسل خالد بن الوليد على رأس ثلاثين فارسا لهدم العزى، وكانت في نخلة شمال شرق مكة، فوصلوا اليها فكسروا الصنم وهدموا بيته، وخالد يردد: كفرانك لا سبحانك إني رأيت الله قد أهانك. وأرسل عمرو بن العاص لهدم سواع، وكان عند قبيلة هذيل على بعد خمسة من الكيلومترات عن مكة، فلما انتهى اليه عمرو بن العاص كان عند الصنم سادنه فلما رأى السادن الخيول، قال لعمرو بن العاص: ما تريد؟ فقال له: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه فقال السادن: لا تقدر على ذلك قال عمرو: لِمَ؟ قال: تُمنع قال له عمرو: ويحك حتى الآن أنت في الباطل، وهل يسمع أو يبصر؟ ثم تقدم عمرو بن العاص فكسره ثم قال للسادن: كيف رأيت؟ فقال: أسلمت لله، اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله.