موقف:
من مذكرات السلطان مراد قال: حصل له في ليلة ضيق شديد ﻻ يعلم سببه فنادى لرئيس حرسه وأخبره، وكان من عادته تفقد رعيته متخفيا فقال: نخرج نتمشى قليلا بين الناس فسارا حتى وصلا حارة مطرفة فوجد رجلا على اﻷرض فحركه فإذا هو ميت والناس تمر من حوله ﻻ أحد يهتم، فنادى عليهم تعالوا وهم ﻻ يعرفونه قالوا: ماذا تريد؟ قال: لماذا هذا الرجل ميت وﻻ أحد يحمله من هو وأين أهله قالوا: هذا فلان الزنديق شارب الخمر وزاني قال: أليس هو من أمة محمد عليه الصلاة والسلام فاحملوه معي إلى بيته ففعلوا ولما رأته زوجته أخذت تبكي وذهب الناس وبقي السلطان ورئيس الحرس وأثناء بكائها كانت تقول: الله يا ولي الله أشهد أنك من الصالحين فتعجب السلطان مراد وقال: كيف من اﻷولياء والناس تقول عنه كذا وكذا حتى أنهم لم يكترثوا لموته، قالت : كنت أتوقع هذا، إن زوجي كان يذهب كل ليلة للخمارة يشتري ما استطاع من الخمر ثم يحضره للبيت ويصبه في المرحاض ويقول: أخفف عن المسلمين وكان يذهب إلى من تفعل الفاحشة يعطيها المال ويقول: هذه الليلة على حسابي اغلقي بابك حتى الصباح ويرجع يقول: الحمد لله خففت عنها وعن شباب المسلمين الليلة، فكان الناس يشاهدونه يشتري الخمر ويدخل على المرأة فتكلموا فيه وقلت له مرة: إنك لو مت لن تجد من يغسلك ويصلي عليك ويدفنك من المسلمين فضحك وقال: ﻻ تخافي سيصلي علي سلطان المسلمين والعلماء والاولياء فبكى السلطان مراد وقال: صدق والله أنا السلطان مراد وغدا نغسله ونصلي عليه وندفنه، فشهد جنازته مع السلطان العلماء والمشايخ والناس *سبحان الله نحكم على الناس بما نراه ونسمعه ولو كنا نعلم خفايا قلوبهم لخرست ألسنتنا .