-اجتمع الكسائي واليزيدي عند الرشيد؛
فحضرت صلاة يجهر فيها، فقدموا الكسائي يصلي، فارتج عليه في قراءة: قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ. فلما أن سلم، قَالَ اليزيدي: قارئ أهل الكوفة يرتج عليه فِي قُلْ يَأَيُّهَا الْكَافِرُونَ. فحضرت صلاة يجهر فيها، فقدموا اليزيدي، فارتج عليه فِي سورة الحمد، فلما أن سلم قَالَ الكسائي: احفظ لسانك لا تقول فتبتلى إن البلاء موكل بالمنطق.
موعظة رمزية :
روى الشَّعْبيُّ: أنّ رجلاً من بني إسرائيل صاد قُبَّرةً، فقالت: ما تريد أن تصنعَ بي؟ قال أذْبَحُكِ فآكلك! قالت: والله ما أشْفي من قَرَمٍ ولا أغْني من جوع، أُعلِّمك ثلاثَ خصالٍ هي خيرٌ لك من أكلي: أما الواحدة فأُعلِّمُكَها وأنا في يدك، والثانيةُ إذا صرْتُ على هذه الشجرة، والثالثةُ إذا صِرْتُ على الجبلِ، فقال: هاتي! قالت:لا تلهَفَنَّ على ما فاتك، فَخلّى عنها،فلمّا صارت فوق الشجرة قال: هاتي الثانية،قالت: لا تُصَدِّق بما لا يكون أنّه يكون، ثم طارت فصارت على الجبل، فقالت: يا شقيُّ! لو ذَبَحْتَني لأخْرَجْتَ مِنْ حَوْصَلتي دُرَّةً فيها زِنةُ عشرينَ مِثقالاً! قال: فعَضَّ على شَفَتَيْه وتلهَّفَ؛ ثم قال: هاتي الثالثة، قالت له: أنْت قدْ نَسيتَ الاثنتين، فكيفَ أعلِّمك الثالثة! ألَمْ أقُلْْ لك لا تلهفنَّ على ما فاتك؟ فقد تَلهَّفْتَ عليَّ إذْ فُتُّكَ، وقلتُ لك لا تصدق بما لا يكون أنه يكون! فصدَّقت! أنا وعظمي وريشي لا أَزِنُ عشرينَ مِثقالا، فكيف يكون في حَوْصَلَتي ما يَزِنها!
نصيحة:
شكا الفضل (الوزير) من كثرة أهل الحاجة، فقال بعض الحاضرين من الفضلاء: إن أحببت أن لا يلتقي ببابك اثنان فاعتزل ما أنت فيه، فإن نعم الله جاءت بهم إليك،
ثم أنشد: (من لم يواس الناس من فضله “” عرّض للإدبار إقباله.) فقال: صدقت جزاك الله من ناصح خيرا.