لما سمع صهيب بهجرة النبي، أراد أن يلحق به وأن يكون مدافع عنه إذا تعرض لخطر،
قال: فأمسكني فتيان قريش، وحبسوني أيام عندهم، يتناوبون حراستي فقمت ليلة أتظاهر أني مريض
فقال بعضهم لبعض: لقد شغله اليوم بطنه فناموا، قال: فتسللت وركبت بعيري، وخرجت ولم أتمكن من أن آخذ مالي فتركته تحت أسكفه، وشعر بي القوم فلحقوا بي ونادوني: إنتظر يا صهيب: جئتنا صعلوكا لا مال لك فعملت واصبحت اكثرنا مالا،
فقال: يا أهل مكة كلكم تعلمون بأني أرماكم فو الله الذي لا إله إلا هو، لا أترك سهم في كنانتي إلا وضعتها في قلب احدكم، فإن أردتم مالي دللتكم عليه، قالوا: رضينا، فدلهم عليه
فعلموا أنه صادق فتركوه ورجعوا، فقلت: الحمد لله الذي صرفهم عني بحطام دنيا. ثم مضيت ألحق برسول الله وكان صلى الله عليه وسلم قد وصل إلى قباء قال: فلما إقتربت، إستقبلني رسول الله وهو يضحك ويقول: (بخٍ بخٍ، ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى). فقلت: بأبي وأمي يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا يسبقني إليك أحد
هل جبريل أخبرك؟ قال: (نعم)، فبكيت وقلت: الحمد لله الذي جبريل يذكرني. فهبط جبريل عليه السلام، وما زال صهيب واقفاً امام النبي صلى الله عليه وسلم
فانزل عليه قرآن يتلى إلى قيام الساعة: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَاد} فالمال للمؤمن كالماء للسفينة إذا كان تحتها وحولها فهو وسيلة لمشيها
أما إذا دخل إلى قلبها أغرقتها. اللهم إحفظ قلوبنا من الدنيا وأهوالها